للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يطوف الرجال مطلقًا، فلهذا أنكر عليه عطاء.

واحتجّ بعضهم بصنيع عائشة، وصنيعها شبيه بهذا المنقول عن عمر، قال الفاكهيّ: ويُذكر عن ابن عيينة أن أول من فرق بين الرجال والنساء في الطواف خالد بن عبد اللَّه القسريّ انتهى. وهذا إن ثبت فلعله منع ذلك وقتًا، ثم تركه، فإنه كان أمير مكة في زمن عبد الملك بن مروان، وذلك قبل ابن هشام بمدة طويلة. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (١).

والحديث صحيح، وقد سبق تمام البحث فيه في الباب الماضي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٩٢٨ - (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ, عَنْ عُرْوَةَ, عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ, عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ, أَنَّهَا قَدِمَتْ مَكَّةَ, وَهِيَ مَرِيضَةٌ, فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ الْمُصَلِّينَ, وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» , قَالَتْ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَهُوَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ, يَقْرَأُ وَالطُّورِ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح. و"عبيد اللَّه ابن سعيد": هو أبو قدامة السرخسيّ. و"عبد الرحمن": هو ابن مهديّ. و"مالك": هو ابن أنس، إمام دار الهجرة. و"أبو الأسود": هو محمد بن عبد الرحمن، يتيم عروة المذكور في الباب الماضي.

وغرض المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بهذه الرواية بيان ما أشار إليه في الرواية السابقة من عدم سماع عروة هذا الحديث عن أم سلمة - رضي اللَّه تعالى عنها -، حيث أدخل في هذا الإسناد بينه وبينها "زينب بنت أم سلمة". لكن تقدّم أنه لا مانع من أن يسمعه عن أم سلمة بواسطة زينب، ثم يسمعه بعدُ عنها مباشرة، ولذلك أخرجه الإمام البخاريّ - رحمه اللَّه تعالى - في "صحيحه" في "باب من صدى ركعتي الطواف خارجا من المسجد" رقم ١٦٢٦ - بالطريقين؛ إشارة إلى صحتهما، وعدم إعلال إحداهما بالأخرى.

والحاصل أن الحديث صحيح بالطريقين. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - "فتح" ٤/ ٢٨٢ - ٢٨٣.