حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه:
أخرجه هنا -١٤١/ ٢٩٣٠ - وفي "الكبرى" ١٣٦/ ٣٩٠٥. وأخرجه (م) في "الحجّ" ١٢٣٣. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف، وهو بيان مشروعيّة طواف من أفرد الحجّ أول ما يقدم مكة، وهو المسمى بطواف القدوم، وهو مذهب الجمهور، وخالف في ذلك ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -. (ومنها): أن الواجب على المسلم إذا أفتاه عالم بخلاف السنة أن يتبع السنة، ويدع فتوى العالم، أيًّا كان ذلك العالم، فإن الحقّ أحقّ أن يتّبع.
(ومنها): أن العالم يخالف السنة أحيانًا، لا قصدًا للمخالفة، وإنما هو لعدم وصولها إليه، أو لتأويله إياها على ما يراه من المعاني، ولكن لا يجوز لمن وصلت إليه، وعلمها، بأن بيّن له عالم غيره بأن وجه الصواب كذا أن يقلّده في ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): حاصل المسألة المذكورة أن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - كان يذهب إلى أن من لم يسق الهدي، وأهلّ بالحجّ إذا طاف يحلّ من حجه، وأن من أراد أن يستمرّ على حجه لا يقرب البيت حتى يرجع من عرفة، وكان يأخذ ذلك من أمر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لمن لم يسق الهدي من أصحابه أن يجعلوها عمرة، فقد أخرج البخاريّ في "باب حجة الوداع" في أواخر "المغازي" من طريق ابن جريج، حدثني عطاء، عن ابن عباس، قال: إذا طاف بالبيت، فقد حلّ، فقلت: من أين؟ قال: هذا ابن عباس قال: من قوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحجّ: ٣٣]، ومن أمر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أصحابه أن يَحِلّوا في حجة الوداع، قلت: إنما كان ذلك بعد الْمُعَرَّف، قال: كان ابن عباس يراه قبلُ وبعدُ. وأخرجه مسلم من وجه آخر عن ابن جريج، بلفظ: كان ابن عباس يقول: لا يطوف بالبيت حاجٌ، ولا غيره إلا حلّ، قلت لعطاء: من أين يقول ذلك؟ … فذكره. ولمسلم من طريق قتادة، سمعت أبا حسّان الأعرج، قال: قال رجل من الْهُجَيم لابن عباس: ما هذه الفتيا التي تشغّفت (١)، أو تشغّبت بالناس أن من
(١) - معنى "تشغفت": عَلِقت بقلوبهم، ومعنى: "تشغّبت": أي خلّطت عليهم أمرهم.