للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "سأل رجل الخ" السائل هو الزبير بن عربيّ، فقد وقع عند أبي داود الطيالسيّ، عن حماد: "حدثنا الزبير، سألت ابن عمر … ".

وقوله: "أرأيت إن زُحمت" أي أخبرني ما أصنع إذا زُحمت، و"زُحمت" بضم الزاي بالبناء للمفعول، بغير إشباع. وفي بعض الروايات بزيادة واو. قاله في "الفتح" (١).

وقوله: "اجعل أرأيت باليمن" قال الحافظ: يشعر بأن الرجل يمانيّ.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: في هذا الإشعار نظر، فقد وقع في رواية أبي داود المذكورة بدل قوله: "اجعل أرأيت باليمن": "اجعل أرأيت عند ذلك الكوكب". فتفطّن. واللَّه تعالى أعلم.

وإنما قال له ابن عمر ذلك؛ لأنه فهم منه معارضة الحديث بالرأي، فأنكر عليه ذلك، وأمره إذا سمع الحديث أن يأخذ به، ويتقي الرأي. والظاهر أن ابن عمر لم ير الزحام عذرًا في ترك الاستلام. وقد روى سعيد بن منصور من طريق القاسم بن محمد، قال: "رأيت ابن عمر يزاحم على الركن حتى يدمى". ومن طريق أخرى، أنه قيل له في ذلك، فقال: هوت الأفئدة إليه، فأريد أن يكون فؤادي معهم. وروى الفاكهيّ، من طرق، عن ابن عباس كراهة المزاحمة، وقال: لا يؤذي، ولا يؤذَى.

[تنبيه]: المستحبّ في التقبيل أن لا يرفع به صوته. وروى الفاكهيّ عن سعيد بن جبير، قال: إذا قبّلت الركن، فلا ترفع بها صوتك، كقبلة النساء. ذكره في "الفتح" (٢).

والحديث أخرجه البخاريّ برقم (١٦١١) وقد تقدم تخريجه في - ٥٠/ ٢٧٣٢ - وفيه دلالة على استحباب الجمع بين الاستلام، والتقبيل للحجر الأسود، والاستلام المسح باليد، والتقبيل بالفم.

وهذا بخلاف الركن اليماني، فالمستحبّ فيه الاستلام، دون التقبيل؛ لعدم ثبوت دليل عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - "فتح" ٤/ ٢٧٧.
(٢) - "فتح" ٤/ ٢٧٧.