كالْفَضْلِ وَالْحَارِثِ وَالنُّعْمَانِ … فَذِكرُ ذا وَحَذْفُهُ سِيَّانِ
(ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ,) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: جِئْتُ) وفي نسخة: "كنت"(مَعَ عَليِّ بْنِ أَيِ طَالِب) - رضي اللَّه تعالى عنه - (حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، إِلَى أَهْلِ مَكةَ) أي في سنة تسع منَ الهجرة، سنة حجّ أبي بكر - رضي اللَّه عنه - بالناس. فروى الطبريّ من طريق أبي صالح، عن عليّ - رضي اللَّه عنه -، قال:"بعث رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أبا بكر ببراءة إلى أهل مكة، وبعثه على الموسم، ثم بعثني في أثره، فأدركته، فأخذتها منه، فقال أبو بكر: ما لي؟، قال: خيرٌ، أنت صاحبي في الغار، وصاحبي على الحوض، غير أنه لا يُبلغ عني غيري، أو رجل مني". ومن طريق عمرو بن عطية، عن أبيه، عن أبي سعيد مثله. ومن طريق العمري، عن نافع، عن ابن عمر كذلك. وروى الترمذيّ من حديث مقسم، عن ابن عباس مثله مطوّلاً. وعند الطبرانيّ من حديث أبي رافع نحوه، لكن قال:"فأتاه جبريل، فقال: إنه لن يؤدّيها عنك إلا أنت، أو رجل منك". وروى الترمذيّ، وحسّنه من حديث أنس، قال:"بعث النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - براءة مع أبي بكر، ثم دعا عليًّا، فأعطاه إياه، وقال: لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي".
قال الحافظ: وهذا يوضح قوله في الحديث الآخر: "لا يبلغ عني"، ويُعرف منه أن المراد خصوص القصّة المذكورة، لا مطلق التبليغ.
وأخرج أحمد بسند حسن عن أنس - رضي اللَّه عنه -: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بعث ببراءة مع أبي بكر، فلما بلغ ذا الحليفة، قال: لا يبلغها إلا أنا، أورجل من أهل بيتي، فبعث بها مع عليّ". قال الترمذيّ: حسن غريب. ووقع في حديث يعلى عند أحمد:"لما نزلت عشر آيات من براءة، بعث بها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مع أبي بكر ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني، فقال: أدرك أبا بكر، فحيثما لقيته، فخذ منه الكتاب، فرجع أبو بكر، فقال: يا رسول اللَّه، نزل فيّ شيء؟، فقال: لا، إلا أنه لن يؤدّي، أو لكن جبريل قال: لا يؤدّي عنك إلا أنت، أو رجل منك".
قال العماد ابن كثير: ليس المراد أن أبا بكر رجع من فوره، بل المراد رجع من حجته. قال الحافظ: ولا مانع من حمله على ظاهره لقرب المسافة، وأما قوله: "عشر