للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كانوا يطوفون بالبيت وبين الصفا والمروة في الجاهلية، فلما أنزل اللَّه الطواف بالبيت، ولم يذكر الطواف بينهما ظنوا رفع ذلك الحكم، فسألوا هل عليهم من حرج إن فعلوا ذلك، بناء على ما ظنوه من أن التطوف بينهما من فعل الجاهلية.

وقوله: "فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين"، وفي رواية: "فأُراها نزلت" وهو بضم الهمزة: أي أظنها.

وحاصل كلامه أن سبب نزول الآية على هذا الأسلوب، كان للرد على الفريقين، الذين تحرجوا أن يطوفوا بينهما لكونه عندهم من أفعال الجاهلية، والذين امتنعوا من الطواف بينهما لكونهما لم يذكرا.

وقوله: "حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت" يعني تأخر نزول آية البقرة في الصفا والمروة عن آية الحجّ، وهي قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحجّ: ٢٩] (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد سبق بيانه في الحديث الماضي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٩٧٠ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا (٢) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ, قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ, عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَابِرٍ, قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ, وَهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا, وَهُوَ يَقُولُ: «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، وكلهم تقدّموا. والحديث أخرجه مسلم، وتقدّم شرحه، وبيان مسائله في باب "ترك التسمية عند الإهلال" -٥١/ ٢٧٤٠ - فراجعه تستفد. ودلالته على الترجمة هنا واضحة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٩٧١ - (أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ, عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرٌ, قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - إِلَى الصَّفَا, وَقَالَ: «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ». ثُمَّ قَرَأَ: «(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذه الإسناد أيضًا كلهم رجال الصحيح، وكلهم تقدّموا غير مرّة. و"يعقوب بن إبراهيم": هو الدَّوْرَقيّ. و"يحيى بن سعيد": هو القطّان. والحديث أخرجه مسلم، كما تقدم بيانه في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) - راجع "الفتح" ٤/ ٣٠٩.
(٢) - وفي نسخة: "أخبرنا".