للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حبّان وابن منده، بأن له صحبة. وكذا ذكره في الصحابة ابنُ عبد البرّ، وأبو نُعيم، وابن زَبْر، والباورديّ، وغيرهم، وعدّه ابن سعد فيمن شهد الفتح. روى له أبو داود، والمصنّف حديث الباب فقط. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيمِيِّ، عَنْ رَجُلِ مِنْهُمْ) أي من قومه التيميين (يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاذٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه -. وفي رواية أبي داود: "عن عبد الرحمن بن معاذ، عن رجل من أصحاب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - … " (قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِمِنًى، فَفَتَحَ اللَّهُ أَسْمَاعَنَا) يعني أنه حينما خطب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في ذلك المكان قوّى اللَّه تعالى أسماعهم، وبارك فيها، معجزةً له - صلى اللَّه عليه وسلم -، فصار يسمعه الداني والقاصي. وفي رواية أبي داود: "ففُتحت أسماعنا" بالبناء للمفعول (حَتَّى إِنْ كُنَّا) "إن" مخفّفة من الثقيلة، ودخلت اللام في قوله (لَنَسْمَعُ) فرقًا بينها وبين "إن" النافية، كما قال ابن مالك في "الخلاصة":

وَخُفَّفَتْ "إِنَّ" فَقَلَّ الْعَمَلُ … وَتَلْزَمُ اللَّامُ إِذَا مَا تُهْمَلُ

وَرُبَّمَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا إِنْ بَدَا … مَا نَاطِقٌ أَرَادَهُ مُعْتَمِدًا

(مَا يَقُولُ، وَنَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا) قال الشوكانيّ: فيه دليل على أنهم لم يذهبوا لسماع الخطبة، بل وقفوا في رحالهم، وهم يسمعونها، ولعلّ هذا كان فيمن كان له عذر منعه من الحضور لاستماعها، وهو اللائق بحال الصحابة - رضي اللَّه تعالى عنهم - انتهى (١) (فَطَفِقَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي شرع. وفي "القاموس": طَفِقَ يفعل كذا، كفرِحَ، وضَرَب، طَفْقًا، وطُفُوقًا: إذا واصل الفعلَ، خاصّ بالإثبات، لا يقال: ما طَفِق انتهى (يُعَلِّمُهُمْ) هذا انتقال من التكلّم إلى الغيبة، وهو أسلوب من أساليب البلاغة مستحسن (٢) (مَنَاسِكَهُمْ) أي أعمال حجّهم، وأحكامها، واسترسل في التعليم (حَتَّى بَلَغَ الْجِمَارَ) يعني المكان الذي ترمى فيه الجمار، والجمار هي الحصى الصغار التي يُرمى بها الجمرات (فَقَالَ: "بِحَصَى الْخَذْفِ") متعلّق بفعل مقدّر: أي قال: ارموا بحصى الخذف. قال الفيّوميّ: خَذَفتُ الحصاة ونحوها خَذْفًا، من باب ضرب: رَميتُها بطرفي الإبهام، والسبّابة، وقولهم: يأخذ حَصَى الخذف: معناه حصى الرمي، والمراد الحصى الصغار، لكنه أُطلق مجازًا انتهى.

وقال الأزهريّ: حصى الخذف صغار مثل النوى يرمي بها بين أصبعين، قال


(١) - "نيل الأوطار" ٥/ ٨٢.
(٢) - "نيل الأوطار" ٥/ ٨٢.