للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من أفراده. (ومنها): أنه مسلسل بالمصريين، غير شيخه، والمقرىء، كما مرّ آنفًا. (ومنها): أن فيه رواية الابن عن أبيه. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ") هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهي علمٌ، فلا يدخلها الألف واللام، وهي ممنوعة من الصرف؛ للتأنيث والعلميّة. ويقال لها: عرفات، وهي موضع وقوف الحجيج، ويقال: بينها وبين مكة نحو تسعة أميال، ويُعرب إعراب مسلمات، ومؤمنات، والتنوين تنوين المقابلة، كما في باب مسلمات، وليس بتنوين صرف؛ لوجود مقتضي المنع من الصرف، وهو العلميّة والتأنيث، ولهذا لا يدخلها الألف واللام. وبعضهم يقول: عرفة هي الجبل، وعرفات جمع عرفة، تقديرًا؛ لأنه يقال: وقفت بعرفة، كما يقال: بعرفات. أفاده الفيّوميّ (وَيَوْمَ النَّحْرِ) هو اليوم العاشر من ذي الحجة، سمي به؛ لأن نحر الهدايا والضحايا فيه (وَأَيَامَ التَّشْرِيقِ) هي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وسميت بذلك لأن لحوم الأضاحي والهدايا تُشَرَّق فيها، أي تُقَدَّد في الشَّرْقَة، وهي الشمس. وقيل: تشريقها: تقطيعها، وتشريحها. وقيل: لأن الهدي لا يُنحر حتى تَشرُق الشمس. وقيل: التشريق التكبير، وظهوره دبر كلّ صلاة (١) (عِيدُنَا) بالرفع خبر "إنّ"، والمراد أن هذه الأيام لا يجوز صيامها؛ لأن اللَّه تعالى أكرمنا بضيافته فيها، فلا ينبغي الإعراض عنها، كما يرشد إليه قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "وهي أيام أكل وشرب". وقوله (أَهْلَ الْإسْلَامِ) منصوب على الاختصاص، أي أخصّ أهل الإسلام، كما قال ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- تعَالى في "خلاصته":

الاخْتِصَاصُ كَنِدَاء دُونَ يَا … كَأَيُّهَا الْفَتَى بِإِثْرِ ارْجُونِيَا

وَقَدْ يُرَى ذَا دُونَ أَي تِلْوَ "أَلْ" … كَمِثْلِ نَحْنُ الْعُرْبَ أَسْخَى مَنْ بَذَلْ

(وَهِيَ أَيَّامُ أَكَلٍ وَشُرْبٍ) قال الخطّابي -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا كالتعليل لوجوب الإفطار فيها، فلا يجوز ضيامها تطوعًا، ولا نذرًا، ولا عن صوم التمتّع انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لكن نهي صومها مقيّد بالحاجّ؛ لما سيأتي قريبًا. وكذا قوله: "ولا عن صوم التمتّع" فيه نظر؛ فقد صحّ استثاؤه أيضًا، كما سيأتي قريبًا إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) - "المصباح المنير" في مادّة شرق، و"المنهل العذب المورود" ١٠/ ١٦٦.