مع الناس، والإمام، فلم يدرك". فهذا نصّ صريحٌ في عدم الاعتداد بحج من لم يدرك الوقوف مع الإمام بالمزدلفة، فهل من المعقول أن يقال: إنه ليس بشرط، إن هذا لهو العجب العُجاب.
وأعجب منه قوله: "ليس بشرط عند أحد"، مع أن جماعة من السلف قالوا بذلك، كما سيأتي ذكرهم في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عروة بن مضرّس - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا - ٢١١/ ٣٠٤٠ و ٣٠٤١ و ٣٠٤٢ و ٣٠٤٣ و ٣٠٤٤ - وفي "الكبرى" ٢١٢/ ٤٠٤٥ و ٤٠٤٦ و ٤٠٤٧ و ٤٠٤٨ و ٤٠٤٩. وأخرجه (د) في "المناسك" ١٩٥٠ (ت) في "الحج" ٨٩١ (ق) في "المناسك" ٣٠١٦ (أحمد) في "مسند المدنيين" ١٥٧٧٥ و"مسند الكوفيين" ١٧٨٣٦ و ١٧٨٤٠ (الدراميّ) في "المناسك" ١٨٨٨. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان حكم من لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة، وهو عدم صحة حجّه، كما نصّ الحديث، إلا من استثناه الشارع، وهم أصحاب الأعذار، كالمرضى، والعجَزَة، ومن يقوم عليهم، فإن حجهم صحيح، وإن يدركوا ذلك. (ومنها): كون الوقوف بعرفة ركنًا من أركان الحجّ، لا يصحّ إلا به. (ومنها): أن الوقوف بعرفة يحصل بالوقوف في جزء من أرض عرفة، ولو لحظة لطيفةً، مطلقًا، سواء كان ليلاً، أو نهارًا، وبهذا قال الجمهور، وحكى النوويّ قولاً: إنه لا يكفي الوقوف ليلاً، ومن اقتصر عليه، فقد فاته الحجّ، وهذا قول باطلٌ، تردّه الأحاديث الصحيحة (١). (ومنها): أن الوقوف لا يختصّ بما بعد الزوال، بل وقته ما بين طلوع الفجر يوم عرفة، وطلوعه يوم العيد، وبه قال أحمد بن حنبل؛ لأن لفظ الليل والنهار مطلقان، وخالفه الجمهور، فقالوا: وقت الوقوف بعد الزوال، وأجابوا عن هذا الحديث بأن المراد بالنهار ما بعد الزوال، بدليل أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - والخلفاء الراشدين بعده لم يقفوا