للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عندها على الهجرة، والجمرة اسم لمُجتَمَع الحصى، سميت بذلك؛ لاجتماع الناس بها، يقال: تجمّر بنو فلان: إذا اجتمعوا. وقيل: إن العرب تسمّي الحصى الصغار جمارًا، فسمّيت تسمية الشيء بلازمه. وقيل: لأن آدم، أو إبراهيم - عليهما السلام - لما عرض له إبليس، فحصبه، جَمّر بين يديه، أي أسرع، فسمّيت بذلك (١) (مِنْ فَوْقِ الْعَقَبَةِ) مخالفين للسنة (قَالَ) عبد الرحمن (فَرَمَى عَبْدُ اللَّه) بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - (مِنْ بَطْنِ الْوَادِي) أي من أسفله؛ اتباعًا للسنة، كما بينه بقوله (ثُمَّ قَالَ) ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - (مِنْ هَهُنَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ) يعني النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. وفي الرواية التالية "رمى عبد اللَّه الجمرة بسبع حصيات، جعل البيت عن يساره، وعرفة عن يمينه". وفي رواية البخاريّ: " جعل البيت عن يساره، ومنًى عن يمينه".

وفي رواية الترمذيّ من طريق أبي صخرة، عن عبد الرحمن بن يزيد: "لما أتى عبد اللَّه جمرة العقبة، استبطن الوادي، واستقبل القبلة". قال الحافظ: والذي قبله هو الصحيح، وهذا شاذّ، في إسناده المسعوديّ، وقد اختلط، وبالأول قال الجمهور، وجزم الرافعيّ من الشافعيّة بأنه يستقبل الجمرة، ويستدبر القبلة. وقيل: يستقبل القبلة، ويجعل الجمرة عن يمينه. وقد أجمعوا على أنه من حيث رماها جاز، سواء استقبلها، أو جعلها عن يمينه، أو يساره، أو من فوقها، أو من أسفلها، أو وسطها، والاختلاف في الأفضل (٢).

قال ابن المنيّر: خَصّ عبد اللَّه سورة البقرة بالذكر لأنها التي ذُكر فيها الرمي، فأشار إلى أن فعله - صلى اللَّه عليه وسلم - مبيّنٌ لمراد كتاب اللَّه تعالى.

قال الحافظ: ولم أعرف موضع ذكر الرمي من سورة البقرة، والظاهر أنه أراد أن يقول: إن كثيرًا من أفعال الحجّ مذكورٌ فيها، فكأنه قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه أحكام المناسك، منبّهًا بذلك على أن أفعال الحجّ توقيفيّةٌ.

وقيل: خصّ البقرة بذلك؛ لطولها، وعظم قدرها، وكثرة ما فيها من الأحكام، أو أشار بذلك إلى أنه يُشرع الوقوف عندها بقدر سورة البقرة (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:


(١) - "فتح" ٤/ ٤١١ - ٤١٢.
(٢) - "فتح" ٤/ ٤١٢.
(٣) - "فتح" ٤/ ٤١٢.