[فإن قلت]: في سنده انقطاعٌ؛ لأن الحسن العرنيّ لم يسمع من ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، كما قاله أحمد، وغيره، فكيف يصحّ؟.
[قلت]: إنما صحّ بشواهده، فقد تقدّم للمصنّف في - ٤١/ ٢٦٨٧ - حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، قالت:"طيّبت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لحرمه، حين أحرم، ولحله بعد ما رمى جمرة العقبة، قبل أن يطوف بالبيت". وأخرجه أحمد في "مسنده" ٦/ ٢٤٤ - بإسناد صحيح عن عائشة عنها، ولفظه: قالت: "طيّبتُ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بيدي بذَريرة لحجة الوداع، للحلّ والإحرام، حين أحرم، وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر، قبل أن يطوف بالبيت".
وأخرج البيهقيّ في "سننه" - ٥/ ١٣٥ - بإسناد صحيح من طريق معمر، عن الزهريّ، عن سالم، عن ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -، قال: سمعت عمر - رضي اللَّه عنه - يقول:"إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات، وذبحتم، وحلقتم، فقد حلّ لكم كلّ شيء إلا النساء والطيب". قال سالم: وقالت عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: "حلّ له كلّ شيء إلا النساء"، قال: وقالت عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: "أنا طيّبتُ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يعني لحلّه".
ثم روى البيهقيّ من طريق عمرو بن دينار، عن سالم، قال: قالت عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: "أنا طيّبتُ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لحلّه، وإحرامه، قال سالم: وسنة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أحقّ أن يُتّبع".
والحاصل أن حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا صحيح بما ذُكر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا ٢٣١/ ٣٠٨٥ - وفي "الكبرى" ٢٣٦/ ٤٠٩٠. وأخرجه (ق) في "المناسك" ٣٠٤١ (أحمد) في "مسند بني هاشم" ٢٠٩١. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم فيما يحلّ للمحرم بعد رمي الجمار:
قال الإمام أبو بكر ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: اختلف أهل العلم فيما أبيح للحاجّ بعد رمي جمرة العقبة قبل الطواف بالبيت، فقال عبد اللَّه بن الزبير، وعائشة، وعلقمة، وسالم بن عبد اللَّه، وطاوس، والنخعيّ، وعبد اللَّه بن حسن، وخارجة بن زيد، والشافعيّ، وأحمد، واسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي: يحلّ له كلّ شيء، إلا النساء، وروينا ذلك عن ابن عباس.