للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما هو فاسمه عبد بغير إضافة، وهو مشهور بكنيته. ثم أخرج بالسند المذكور عن ابن جريج، قال: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ} قال: على القاعدين من المؤمنين، غير أولي الضرر.

وحاصل تفسير ابن جريج أن المفضّل عليه غير أولي الضرر، وأما أولو الضرر، فملحقون في الفضل بأهل الجهاد إذا صدقت نياتهم، كما ثبت في حديث أنس - رضي اللَّه عنه - مرفوعًا: "إن بالمدينة لأقوامًا ما سرتم من مسيرٍ، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم، حبسهم العذر".

ويحتمل أن يكون المراد بقوله: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً}، أي من أولي الضرر، وغيرهم، وقوله: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ} أي على القاعدين من غير أولي الضرر، ولا ينافي ذلك الحديث المذكور عن أنس، ولا ما دلّت عليه الآية من استواء أولي الضرر مع المجاهدين؛ لأنها استثنت أولي الضرر من عدم الاستواء، فأفهمت إدخالهم في الاستواء، إذ لا واسطة بين الاستواء وعدمه؛ لأن المراد منه استواؤهم في أصل الثواب، لا في المضاعفة؛ لأنها تتعلّق بالفعل.

ويحتمل أن يلتحق بالجهاد في ذلك سائر الأعمال الصالحة. انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث البراء - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٤/ ٣١٢٠ و ٣١٠٣ - وفي "الكبرى" ٤/ ٤٣٠٩ و٤٣١٠ و "التفسير" ١١١١٨. وأخرجه (خ) في "الجهاد" ٢٨٣١ وفي "التفسير" ٤٥٩٣ و ٤٥٩٤ و "فضائل القرآن" ٤٩٩١ (م) في "الإمارة" ١٨٩٨ (ت) في "الجهاد" ١٦٧٠ (أحمد) في "مسند الكوفيين" ١٨٠١٦ و ١٨٠٣٧ و ١٨٠٣٤ (الدارميّ) في "الجهاد"٢٤٢٠. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣١٠٣ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنِ الْبَرَاءِ, قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} جَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ, وَكَانَ أَعْمَى, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ, فَكَيْفَ فِيَّ (٢) , وَأَنَا أَعْمَى, قَالَ: فَمَا بَرِحَ حَتَّى نَزَلَتْ:


(١) - "فتح" ٩/ ١٣٦ - ١٤٠ في "كتاب التفسير".
(٢) - وفي نسخة: "فكيف بي".