للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يحتمل أن يكون هو جاهمة بن العبّاس بن مِرداس الآتي في الباب التالي، إن شاء اللَّه تعالى (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -،يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْجِهَادِ) أي يطلب منه الإذن في الخروج للجهاد في سبيل اللَّه تعالى (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟) يحتمل أن يكون "حيٌّ" مبتدأٌ، و"والداك" فاعل أغنى عن الخبر، لاعتماده على الاستفهام. ويحتمل أن يكون "حيٌّ" خبرًا مقدّمًا، و"والداك"مبتدأ مؤخّرٌ (قَالَ) ذلك الرجل (نَعَمْ) أي هما حيان (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ) أي ابلُغ جهدك في برّهما، والإحسان إليهما، فإن ذلك يقوم لك مقام قتال العدو. أو خصّصهما بجهاد النفس في رضاهما. قاله في "الفتح". وقال السنديّ: أي جاهد نفسك، أو الشيطان في تحصيل رضاهما، وإيثار هواهما على هواك. وقيل: المعنى: فاجتهد في خدمتهما، وإطلاق الجهاد للمشاكلة، والفاء الأولى فصيحة، والثانية زائدة، وزيادتها في مثل هذا شائع، ومنه قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٥/ ٣١٠٤ - وفي "الكبرى" ٥/ ٤٣١١. وأخرجه (خ) في "الجهاد" ٣٠٠٤ و"الأدب" ٥٩٧٢ (م) في "البرّ والصلة" ٢٥٤٩ (د) في "الجهاد" ٢٥٢٩ (ت) في "الجهاد" ١٦٧١ (أحمد) في "مسند المكثرين" ٦٥٠٨ و ٦٧٢٦ و ٦٧٧٢ و ٦٨١٩ و ٧٠٢٢. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان الرخصة في التخلّف عن الجهاد في سبيل اللَّه تعالى لمن له والدان. (ومنها): فضل برّ الوالدين، وتعظيم حقّهما، وكثرة الثواب على برّهما. (ومنها): تحريم السفر بغير إذن الوالدين؛ لأن الجهاد إذا منع مع فضيلته، فالسفر المباح أولى، نعم إن كان سفره لتعلم فرض عين حيث يتعيّن السفر طريقًا إليه، فلا منع، وإن كان فرض كفاية ففيه خلاف. (ومنها): أن برّ الوالدين قد يكون أفضل من الجهاد. (ومنها): أن المستشار يشير بالنصيحة


(١) - "شرح السنديّ" ٦/ ١٠ - ١١.