المسألة الثالثة: في ذكر مذاهب العلماء في غسل الرجلين:
قال العلامة ابن رشد في بداية المجتهد: ما نصه:
اتفق العلماء على أن الرجلين من أعضاء الوضوء، واختلفوا في نوع طهارتهما: فقال قوم: طهارتهما الغسل، وهم الجمهور، وقال قوم: فرضهما المسح، وقال قوم: بل طهارتهما تجوز. بالنوعين: الغسل، والمسح، وأن ذلك راجع إلى اختيار المكلف.
وسبب اختلافهم القراءتان المشهورتان في آية الوضوء: أعني قراءة من قرأ "وأرجلكم" بالنصب عطف على المغسول، وقراء ة من قرأ وأرجلكم" بالخفض عطفا على الممسوح وذلك أن قراءة النصب ظاهرة في الغسل، وقراءة الخفض ظاهرة في المسح، كظهور تلك في الغسل، فمن ذهب إلى أن فرضهما واحد من هاتين الطهارتين على التعيين إما الغسل، وإما المسح ذهب إلى ترجيح ظاهر إحدى القراءتين على القراءة الثانية، وصرف بالتأويل ظاهر القراءة الثانية إلى معنى ظاهر القراءة التي ترجحت عنده، ومن اعتقد أن دلالة كل واحدة من القراءتين على ظاهرها أيضا جعل ذلك من الواجب المخير ككفارة اليمين، وغير ذلك، وبه قال الطبري، وداود.
وللجمهور تأويلات في قراء الخفض أجودها أن ذلك عطف على اللفظ لا على المعنى إذ كان ذلك موجودًا في كلام العرب مثل قول الشاعر:(من الكامل):