للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اسمه في الجاهلية عبد العزّى. شهد بدرًا، وما بعدها، وكان فيمن قَتَلَ كعب بن الأشرف. روى عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. وعنه ابنه زيد، وحفيده أبو عبس بن محمد بن أبي عبس، وعباية بن رفاعة بن رافع بن خَدِيج. وقيل: إنه كان يكتب بالعربيّة قبل الإسلام. مات سنة (٣٤) وهو ابن (٧٠) سنة، وصلّى عليه عثمان. ذكره ابن عبد البرّ، وابن سعد، وابن الْبَرْقيّ، وابن حبّان، وغيرهم. زاد ابن سعد: آخى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بينه وبين حُبيش بن حُذَافة، وكان هو وأبو بُرْدة يكسران أصنام بني حارثة حين أسلما. وقال ابن حبّان: كان اسمه معبدًا في الجاهليّة. روى له البخاريّ، والترمذيّ، والمصنّف، وله عنده حديث الباب فقط. واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

منها: أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن صحابيه من المقلّين من الرواية. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

عن يزيد بن أبي مريم أنه (قال: لَحِقَنِي عَبَايَةُ بْنُ رَافِعٍ) الأنصاريّ (وَأَنَا مَاشٍ إِلَى الْجُمُعَةِ) جملة اسميّة في محلّ نصب على الحال. زاد الإسماعيليّ في روايته: "وهو راكب، فقال: احتسب خُطاك هذه".

ثم إن هذه الرواية صريحة في أن القصّة وقعت بين يزيد بن أبي مريم، وبين عباية بن رفاعة، وعند البخاريّ من رواية عليّ بن المدينيّ، عن الوليد بن مسلم، قال: حدثني يزيد بن أبي مريم، قال: حدثنا عَبَاية بن رفاعة، قال: أدركني أبو عَبْسٍ، وأنا أذهب إلى الجمعة، فقال: سمعت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: "من اغبرّت قدماه في سبيل اللَّه، حرّمه اللَّه على النار".

فهذه الرواية صريحة في أن القصّة بين عباية بن رفاعة وبين أبي عبس، ويجمع بين الروايتين بأن القصّة وقعت مرّتين لكلّ واحد منهما. واللَّه تعالى أعلم (١).

(فَقَالَ) عباية بن رفاعة (أَبْشِرْ، فَإن خُطَاكَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أي في طاعته، طلبًا لمرضاته (سَمِعْتُ أَبَا عَبْسٍ) عبد الرحمن بن جبر - رضي اللَّه تعالى عنه -، وقد تقدم الخلاف في اسمه قريبًا (يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ) أي أصابها الغبار، وإنما ذكر القدمين، وإن كان الغبار يعمّ البدن كلّه عند ثورانه؛ لأن كثيرًا من المجاهدين في ذلك الزمان كانوا مشاةً، والأقدام تتغير على كلّ حال، سواء كان الغبار قويًّا، أو ضعيفًا؛ ولأن أساس ابن آدم على القدمين، فإذا سلمت القدمان من النار سلم


(١) - راجع "عمدة القاري" ٥/ ٢٩١ - ٢٩٢. و"فتح" ٣/ ٥١.