للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

منها: أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين غير شيخه، فبصريّ، وأبي حازم، وسهل فمدنيان. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعدٍ) - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الْغَدْوَةُ) بفتح الغين المعجمة، وسكون الدال المهملة: المرّة الواحدة من الغدو، وهو الخروج في أي وقت كان من أول النهار إلى انتصافه (وَالرَّوْحَةُ) بفتح الراء، وسكون الواو أيضًا المرّة الواحدة، من الرّوَاح، وهو الخروج في أيّ وقت كان من زوال الشمس إلى غروبها (فِي سَبِيلِ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-) أي في جهاد الكفّار؛ لإعلاء كلمة اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- (أَفْضَلُ) ولفظ مسلم: "خيرٌ" (مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا فِيهَا) قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: معنى هذا الحديث أن فضل الغدوة، والروحة في سبيل اللَّه، وثوابهما خير من نعيم الدنيا كلّها لو ملكها إنسانٌ، وتُصوّر تنعّمه بها كلها؛ لأنه زائلٌ، ونعيم الآخرة باق. قال القاضي -رحمه اللَّه تعالى-: وقيل: في معناه، ومعنى نظائره من تمثيل أمور الآخرة وثوابها بأمور الدنيا أنها خير من الدنيا وما فيها، لو ملكها إنسانٌ، وملك جميع ما فيها، وأنفقه في أمور الآخرة. قال هذا القائل: وليس تمثيل الباقي بالفاني على ظاهر إطلاقه. واللَّه أعلم انتهى (١).

وقال ابن دقيق العيد -رحمه اللَّه تعالى- عند شرح قوله: "رباط يوم في سبيل اللَّه خير من الدنيا، وما عليها … الحديث: ما حاصله: فيه وجهان:

[أحدهما]: أن يكون من باب تنزيل المغيّب منزلة المحسوس، تحقيقًا له، وتثبيتًا في النفوس؛ فإن ملك الدنيا، ونعيمها، ولذاتها محسوسةً مستعظمة في طباع النفوس، فحقّق عندها أن ثواب اليوم الواحد في الرباط، وهو من المغيّبات خير من المحسوسات التي عهدتموها من لذّات الدنيا.

[والثاني]: أنه قد استبعد بعضهم أن يوازن شيء من نعيم الآخرة بالدنيا كلها، فحمل الحديث، وما في معناه على أن هذا الذي رُتّب عليه الثواب خير من الدنيا كلها، لو أُنفقت في طاعة اللَّه تعالى، وكأنه قصد بهذا أن تحصل الموازنة بين ثوابين أُخرويّين؛ لاستحقاره الدنيا في مقابلة شيء من الأخرى، ولو على سبيل التفضيل (٢).


(١) - "شرح مسلم" ١٢/ ٣٠.
(٢) - "إحكام الأحكام" ٤/ ٥٠٤ بنسخة حاشية العدّة.