للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: ويؤيّد الثاني ما رواه ابن المبارك في "كتاب الجهاد" من مرسل الحسن، قال: بعث رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - جيشًا، فيهم عبد اللَّه بن رواحة، فتأخّر ليشهد الصلاة مع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال له النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت فضل غَدْوتهم". انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث سهل بن سعد - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا- ١١/ ٣١١٩ - وفي "الكبرى" ١١/ ٤٣٢٦. وأخرجه (خ) في "الجهاد والسير" ٢٧٩٤ و ٢٨٩٢ و "الرقاق" ٦٤١٥ (م) في "الجهاد" ١٨٨١ و ١٨٨٢ (ت) في "فضائل الجهاد" ١٦٤٨ (ق) في "الجهاد" ٢٧٥٦ (أحمد) في "مسند المكيين" ١٥١٣٢ و"باقي مسند الأنصار" ٢٢٣٣٧ (الدراميّ) في "الجهاد" ٢٣٩٨. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان فضل غدوة في سبيل اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-. (ومنها): بيان فضل الروحة أيضًا. (ومنها): أن فيه تسهيل أمر الدنيا، وتعظيم أمر الجهاد، وأن من حصل له من الجنّة قدر يسير فقد حصل له أمر عظيم من جميع ما في الدنيا، فكيف بمن حصل منها أعلى الدرجات. والنكتة في ذلك أن سبب التأخير عن الجهاد الميل إلى سبب من أسباب الدنيا، فنبّه هذا المتأخّر أن هذا القدر اليسير من الجنّة أفضل من جميع ما في الدنيا. قاله في "الفتح" (٢).

(ومنها): أن الدنيا كلها لا توازي شيئًا قليلاً من نعيم الآخرة؛ وفي الحقيقة أنه لا مقابلة بينهما إلا من باب المجاز، إذ الدنيا بغيضة عند اللَّه تعالى، بل هي ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر اللَّه تعالى، وما والاه، وعالمًا، أو متعلّمًا، والآخرة كلها محبوبة للَّه تعالى، دار جزاء عباده المؤمنين الأبرار، فلا خير في الدنيا من حيث هي دنيا، ثم إن نعيم الجنّة خير من نعيم الدنيا من جهة أنه نعيم غير منغّص بالزوال، ولا بمعاداة الرجال، ولا بالأمراض والأسقام، ولا بالسآمة والمنام، ولا بالهموم والأكدار، ولا


(١) - "فتح" ٦/ ٩١.
(٢) - "فتح" ٦/ ٩١.