للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الجوهريّ: هو أن يرفع يديه، ويطرحهما معًا، وقال غيره: أن يلج في عَدْوه، مقبلاً، أو مدبرًا، وفي المثَلِ: "استنّت الفصال حتى القَرْعَى" (١)، يُضرب لمن يتشبّه بمن فوقه. وقوله: "في طوله" بكسر المهملة، وفتح الواو: هو الحبل الذي تُشدّ به الدّابّة، ويُمسَك طرفه، وتُرسل في المرعى. وقوله: "فيُكتبُ له حسناتٍ" بنصب "حسنات" على أنه مفعول ثان، أي يكتب له الاستنان حسنات. قاله في "الفتح" (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-١٧/ ٣١٢٩ - وفي "الكبرى" ١٤/ ٤٣٣٦. وأخرجه (خ) في "الجهاد والسير" ٢٧٨٥ (م) في "الجهاد" ١٨٧٨ (ت) في "فضائل الجهاد" ١٦١٩ (أحمد) في باقي مسند المكثرين" ٨٣٣٥ و ٩١٩٧ و ٢٧٢٠٨ و ٩٦٠٤ و ٩٦٧٤ (الموطأ) في "الجهاد" ٩٧٣. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ما يَعدِل الجهاد في سبيل اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، ووجه ذلك أن الحديث فيه بيان أن الجهاد لا يعادله شيء من الأعمال، وهو مقيّد بما بعد الإيمان باللَّه ورسوله - صلى اللَّه عليه وسلم -، بدليل حديث أبي ذر، وأبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنهما - الآتيين بعد هذا. (ومنها): ما قال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى-: إن حديث الباب اشتمل على تعظيم أمر الجهاد؛ لأن الصيام وغيره مما ذكر من فضائل الأعمال، قد عدلها كلها الجهاد، حتى صارت جميع حالات المجاهد، وتصرّفاته المباحة معادلة لأجر المواظب على الصلاة، وغيرها، ولهذا قال - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا تستطيع ذلك". (ومنها): أن الفضائل لا تدرك بالقياس، وإنما هي إحسانٌ من اللَّه تعالى لمن شاء. (ومنها): أنه استُدلّ به على أن الجهاد أفضل الأعمال مطلقًا؛ لما تقدّم تقريره. وقال ابن دقيق العيد -رحمه اللَّه تعالى-: القياس يقتضي أن يكون الجهاد أفضل الأعمال التي هي وسائل؛ لأن الجهاد وسيلة إلى إعلان الدين ونشره، وإخماد الكفر


(١) جمع قَرِيع بفتح، فكسر، وهو الفصيل، كما في "القاموس".
(٢) - "فتح" ٦/ ٨٠.