للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعروة، وأبو مراوح، وقد أخرجه مسلم من رواية الزهريّ، عن حبيب مولى عروة، عن عروة، فصار عنده في الإسناد أربعة من التابعين. واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال في "الفتح": وقع في رواية الإسماعيليّ، من طريق يحيى بن سعيد، عن هشام -يعني ابن عروة- أخبرني أبي، أن أبا مراوح أخبره. وذكر الإسماعيليّ عددًا كثيرًا نحو العشرين نفسًا، رووه عن هشام بهذا الإسناد، وخالفهم مالك، فأرسله في المشهور عنه، عن هشام، عن أبيه، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. ورواه يحيى بن يحيى الليثيّ، وطائفة عنه، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. ورواه سعيد بن داود، عنه، عن هشام كرواية الجماعة. قال الدارقطنيّ: الرواية المرسلة عن مالك أصحّ، والمحفوظ عن هشام كما قال الجماعة انتهى (١) واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي ذَرِّ) جندب بن جُنادة - رضي اللَّه تعالى عنه -. وفي رواية يحيى بن سعيد المذكورة: "أن أبا ذرّ أخبره" (أنَّهُ سَأَلَ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أَي الْعَمَلِ خَيْرٌ؟) وفي رواية البخاريّ: "أي العمل أفضل؟ ". أي أكثر ثوابًا عند اللَّه تعالى (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (إِيمَان بِاللَّهِ) -عَزَّ وَجَلَّ-، فيه تصريح بأن العمل يطلق على الإيمان، والمراد -كما قال النوويّ- الإيمان الذي يُدخل به في ملّة الإسلام، وهو التصديق بالقلب، والنطق بالشهادتين، فالتصديق عمل القلب، والنطق عمل اللسان، ولا يدخل في الإيمان هنا الأعمال بسائر الجوارح، كالصوم، والصلاة، والحجّ، والجهاد؛ لكونه جُعل قسيمًا للجهاد. واللَّه تعالى أعلم (وَجِهَادٌ) الواو هنا بمعنى "ثُمّ"، كما قاله ابن حبّان، وهو كذلك في حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - الآتي بعد هذا (فِي سَبِيلِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-) أي لإعلاء كلمته. وروية المصنّف هذه مختصرة، وقد رواه البخاريّ بتمامه في "كتاب العتق"، فقال: ٢٥١٨ - حدثنا عبيد اللَّه بن موسى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مُرَاوح، عن أبي ذر، - رضي اللَّه عنه -، قال: سألت النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، أيُّ العمل أفضل؟، قال: "إيمان باللَّه، وجهاد في سبيله"، قلت: فأي الرقاب أفضل؟، قال: "أعلاها (٢) ثمنا، وأنفسها عند أهلها"، قلت: فإن لم أفعل؟، قال: "تعين ضائعا، أو تصنع لأخرق"، قال: فإن لم أفعل؟، قال: "تدع الناس من الشر، فإنها صدقة، تَصَدَّقُ بها على نفسك" انتهى (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) - "فتح" ٥/ ٤٩٩.
(٢) بالعين المهملة في رواية اكثر، وبالغين المعجمة عند الكشميهني والنسفي. أفاده في "الفتح" ٥/ ٤٤٩.
(٣) - "صحيح البخاري" ٥/ ٤٤٨ بنسخة "الفتح".