للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

عن أبي وائل، أنه (قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ) عبد اللَّه بن قيس بن سُليم ابن حضّار - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيُّ) قال الحافظ: هذا يدلّ على وَهَم ما وقع عند الطبرانيّ من وجه آخر، عن أبي موسى أنه قال: يا رسول اللَّه، فذكره، فإن أبا موسى، وإن جاز أن يُبهم نفسه، لكن لا يصفها بكونه أعرابيًّا، وهذا الأعرابيّ يصلح أن يفسر بلاحق بن ضُمَيرة، وحديثه عند أبي موسى المدينيّ في "الصحابة" من طريق عُفَير ابن مَعْدَان، سمعت لاحق بن ضُميرة الباهليّ، قال: وفدت على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فسألته عن الرجل يلتمس الأجر والذكر، فقال: "لا شيء له … " الحديث، وفي إسناده ضعف، وروينا في "فوائد أبي بكر بن أبي الحديد" بإسناد ضعيف، عن معاذ بن جبل أنه قال: يا رسول اللَّه كلّ بني سلمة يُقاتل، فمنهم من يُقاتل رياء … الحديث. فلو صحّ لاحتمل أن يكون معاذٌ أيضًا سأل عما سأل عنه الأعرابيّ؛ لأن سؤال معاذ خاصّ، وسؤال الأعرابيّ عامّ، ومعاذ أيضًا، لا يقال له: أعرابيّ، فيحمل على التعدد (١) (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِل) وفي رواية للبخاريّ من طريق منصور، عن أبي وائل: "فقال: ما القتال في سبيل اللَّه؟، فإن أحدنا يقاتل … " (لِيُذكَرَ) بالبناء للمفعول، أي ليذكره الناس فيما بينهم بالشجاعة. وفي رواية للبخاريّ من طريق الأعمش، عن أبي وائل: "ويقاتل شجاعةً" (وَيُقَاتِلُ لِيَغْنَمَ) بالبناء للفاعل، من باب تَعِب، أي ليصيب غنيمةً (وُيقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ) ببناء "يُرَى" للمفعول، و"مكانه" مرفوع على أنه النائب عن الفاعل. وفي رواية الأعمش: "ويقاتل رياء"، فمرجع قوله: "يقاتل ليُذكَر" إلى السمعة، ومرجع قوله: "ويقاتل ليُرى مكانه" إلى الرياء، وكلاهما مذموم، وزاد في رواية منصور والأعمش: "ويقاتل حميّة" أي لمن يُقاتِلُ لأجله من أهل، أو عشيرة، أو صاحب، وزاد في رواية منصور: "ويقاتل غضبًا" أي لأجل حظّ نفسه، ويحتمل أن يفسّر القتال للحميّة بدفع المضرّة، والقتال غضبًا بجلب المنفعة.

فالحاصل من رواياتهم أن القتال يقع بسبب خمسة أشياء: طلب المغنم، وإظهار الشجاعة، والرياء، والحمية، والغضب، وكلّ منها يتناوله المدح والذّمّ، فلهذا لم يحصل الجواب بالإثبات، ولا بالنفي. قاله في "الفتح" (٢).

(فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟) "من" استفهاميّة خبره الجار والمجرور بعده، أي فأيّ المقاتلين


(١) - "فتح" ٦/ ١٠٨ - ١٠٩.
(٢) - "فتح" ٦/ ١٠٩.