قال الجامع عفا الله عنه: حديث عمرو هذا أخرجه مسلم وهو نص في تفسير الآية من أن المراد بها الغسل سواء قرئت بالنصب أو بالجر، والله أعلم.
وكتب العلامة الصنعاني في حاشيته في هذا المحل ما نصه:
أقول: اختلف الناس في الواجب في الرجلين على أربعة أقوال، وهي الاحتمال المتعقلة التي تعقل في المسألة: الغسل، والمسح، والجمع، والتخيير: فالأكثر على الغسل، وذهبت الرافضة (١) إلى أنه المسح، وروي عن جماعة من الصحابة والتابعين. وذهب بعض
الظاهرية إلى وجوب الجمع بين المسح والغسل، وذهب ابن جرير الطبري وآخرون إلى التخيير بين الأمرين، كخصال الكفارة. ودليل الجمهور الأحاديث الثابتة في فعله وتعليمه - صلى الله عليه وسلم -، وبحديث "ويل للأعقاب من النار" واستدل من قال بإيجاب المسح بقراءة {وأرجلكم} بالجر عطفا على {برؤسكم} وأجاب الجمهور بأنها قرئت بالنصب عطفا على أيديكم وبأنه معطوف على محل برؤسكم، وبأنها تحمل قراءة الجر في الآية على مسح الخفين، وقراءة النصب على غسل الرجلين، وقرر هذا ابن العربي بما فيه بعض الطول، وأيد مذهب الجمهور من جهة المعنى بأن الغسل أشد مناسبة للقدمين من المسح، كما أن المسح أشد مناسبة للرأس من الغسل، إذ كانت القدمان لا ينقى درنهما غالبا إلا بالغسل، وينقى درن الرأس بالمسح، وذلك أيضا غالب. والمصالح المعقولة لا تمنع أن تكون أسبابا للعبادات المفروضة حتى يكون الشرع لحفظ معنيين معنى مصلحي، ومعنى عبادي وأعني بالمصلحي ما يرجع
(١) هم فرقة من الشيعة بايعوا زيد بن علي ثم قالوا له تبرأ من الشيخبن فأبى وقال: كانا وزيري جدي فتركوه ورفضوه وارفضوا عنه أفاده في "ق".