إلى الأمور المحسوسة، وبالعبادي ما يرجع إلى زكاة النفس. انتهى.
واستدل موجب الجمع بأنه الأحوط، واستدل المخير بأنه ليس إحدى القراءتين بأولى بالعمل من الأخرى، ولا شك أن ما ذهب إليه الجمهور أقوى دليلا لتعارض قراءة النصب، والقول، والفعل النبوي، وليس مع قراءة الجر سنة فعلية، ولا قولية. وأما الجمع، فلم تأت السنة به، ولا مَعْنَى للمسح مع الغسل فإنه إتيان بما لا حاجة إليه، وبما دخل معناه تحت الغسل.
وقد بسط العاملي في شرح الأربعين القول في ترجيح مذهب الإمامية، وذكر مناظرة بين الفريقين، فأما الآية فلا تنهض لأحد الفريقين للاحتمال، ولكن البيان في السنة فإنه لم يأت فيها المسح، ولكن العاملي على قواعد أهل مذهبه يدفع الأحاديث الصحيحة، أو يعارضها بروايات غير ثابتة عند خصمه، فلا تقوم الحجة بها عليه، وإنما أشرنا إلى كلامه لأنه قد أبدى قوة ساعده في المسألة، فلا يغتر به الناظر اهـ ما كتبه الصنعاني رحمه الله [جـ ١/ ص ١٨٢، ١٨٣].
وقال الحافظ رحمه الله: وقد تواترت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفة وضوئه أنه غسل رجليه، وهو المبين لأمر الله، وقد قال في حديث عمرو بن عبَسَةَ الذي رواه ابن خزيمة وغيره مطولا في فضل الوضوء "ثم غَسَل قدميه كما أمره الله".
ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن علي، وابن عباس، وأنس، وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك.
قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غسل القدمين، رواه سعيد بن منصور. وادعى الطحاوي، وابن حزم أن المسح منسوخ والله أعلم اهـ فتح [جـ ١ ص ٣٢٠].