للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والدال، وتنوينها في الحرفين، كذا لأكثر شيوخنا. وعند ابن أبي جعفر: "لجاهَدَ مَجَاهِدَ -بفتح الهاء في الأول، وفتح الميم، وكسر الهاء من الثاني، وفتح الدال فيهما. وكذا أيضًا عند بعض رواة البخاريّ، والأول الصواب، ووجه الكلام، وكذا جاء في الحديث الآخر بعده: "مات جاهدًا مجاهدًا".

قال: كرّر بين اللفظين للمبالغة. وقال ابن الأنباريّ: العرب إذا بالغت في الكلام اشتقّت من اللفظة الأولى لفظة على غير بنائها زيادة في التوكيد، ثمّ أتبعوها إعرابها، فقالوا: جادٌ مُجِدٌّ، وليلٌ لائلٌ، وشعرٌ شاعرٌ، وقد يكون قوله: " جاهد" أي جادّ مبالغ في سبيل الخير والبرّ، وإعلاء كلمة الإسلام، مجاهد عِداه انتهى (١).

وقال القرطبيّ بعد ما ذكر نحو ما تقدّم: وقد يكون "جاهد" أي مبالغ في سبيل الخير. و"مجاهد" لأعدئه. قلت: ويظهر لي أن هذا القول أحسن بدليل قوله في الرواية الأخرى: "مات جاهدًا مجاهدًا، فله أجره مرّتين" فأشار بفاء التعليل إلى الجهتين اللتين يُؤجر منهما، وهما جاهدٌ، ومجاهدٌ، فمعنى أحدهما غير الآخر انتهى (٢).

(قَالَ: ابْنُ شِهَاب: ثُمَّ سَأَلْتْ ابْنًا لسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَع) يحتمل أن يكون هو إياس بن سلمة. واللَّه تعالىَ أعلم (فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبيهِ، مِثْلَ ذَلِكَ) أي مثل تحديث عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب، عن سلمة (غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ -حِينَ قُلْتُ:. إِنَّ نَاسًا لَيَهَابُونَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ-: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "كَذَبُوا، مَاتَ جَاهِدًا، مُجَاهِدًا، فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ"، وَأَشَارَ بِإصْبَعَيْهِ) تأكيدًا لثبوت أجره مرّتين، بموته جاهدًا في سبل الخير والبرّ، ومجاهدًا لأعداء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث سلمة بن الأكوع - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا- ٢٩/ ٣١٥١ - وفي "الكبرى" ٢٤/ ٤٣٥٧. وأخرجه (خ) في "المغازي" ٤١٩٦ و"الأدب" ٦١٤٨ (م) في "الجهاد والسير" ١٨٠٢ (د) في "الجهاد"٢٥٣٨ (أحمد) في "مسند المدنيين" ١٦٠٦٨ و ١٦٠٧٦ و ١٦١٠٣. واللَّه تعالى أعلم.


(١) - "إكمال المعلم" ٦/ ١٨٤.
(٢) - "المفهم" ٣/ ٦٦٧.