للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

منها: أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أنه مسلسل بالحمصيين. (ومنها): أن فيه رواية تابعي، عن تابعي مخضرم. (ومنها): أن صحابيه من المقلّين من الرواية، ليس في الكتب الستة إلا هذا الحديث عند المصنف فقط. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنِ) محمد (بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ) -بفتح المهملة، وكسر الميم- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ: "مَا مِنَ النَّاسِ) متعلّق بحال محذوف؛ لأنه في الأصل صفة لـ"نفس"، فقدم، فصار حالاً؛ لأن نعت النكرة إذا قُدّم يعرب حالاً (مِنْ نَفْسٍ) "من" زائدة، و"نفس" اسم "ما" الحجازيّة، وخبرها جملة "تُحبّ الخ"، أو مبتدأ، إن كانت "ما" تميميّة. وفي نسخة: "في الناس" بدل "من الناس" (مُسْلِمَة) صفة لـ"نفس" (يَقْبِضُهَا رَبُّهَا) أي يتوفّاها، وهو نحو قولها تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} الآية [الزمر: ٤٢]، والجملة صفة بعد صفة، أو حال (تُحِبُّ أَنَّ تَرْجِعَ إِلَيْكُمْ) أي إلى أهل الدنيا (وَأَنَّ لَهَا الدُّنْيَا، وَمَا فِيهَا) قال الطيبيّ: يجوز أن يكون هو معطوفًا على "أن يرجع"، وأن يكون حالاً، إن روي بكسر "إن" انتهى (١).

(غَيْرُ الشَّهِيدِ) يحتمل أن يكون مرفوعًا بدلاً من فاعل "تُحبّ"، ويحتمل أن يكون منصوبًا على الاستثناء.

(قَالَ) محمد (بْنُ أَبِي عَمِيرَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "وَلَأَنْ أُقْتَل) بفتح اللام، وهي للابتداء، والفعل مبنيّ للمفعول، أي لَقَتْلي (فِي سَبِيلِ اللهِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِن أَنْ يَكُونَ لِي) أي مملوكي (أَهْلُ الْوَبَرِ) -بفتحتين- أي أهل البوادي، فإنهم يتّخذون بيوتهم من وَبَر الإبل (وَالْمَدَرِ) -بفتحتين أيضًا- جمع مَدَرَة: وهي اللبنة، أي أهل المدن والقرى، والمراد أن يكون لي هؤلاء عبيدًا، فأُعتقهم. أفاده السنديّ (٢).

وقال الطيبيّ: المراد بـ"أهل الوبر" سكّان البوادي؛ لأن خباءهم من الوبر غالبًا، وبـ"أهل المدر" سُكّان القرى والأمصار، وأراد به الدنيا وما فيها، كما سبق، فغلّب العقلاء على غيرهم، كما قوله تعالى: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} في أحد وجهيه، وأسند المحبّة إلى نفسه الزكيّة صلوات اللَّه وسلامه عليه، والمراد به غيره - صلى اللَّه عليه وسلم -. انتهى. قال القاري:


(١) - "المرقاة " ٧/ ٤١٦.
(٢) - "شرح السنديّ" ٦/ ٣٣.