وآخره معجمة السَّلَميّ، أبو نَجِيح الصحابيّ، كان من أهل الصفّة، ثم نزل حمص، ومات - رضي اللَّه تعالى عنه - بعد (٧٠) تقدّمت ترجمته في ٢٥/ ٢١٦٣.
و"بقية": هو الوليد. و"بَحِير" بفتح، فكسر: هو ابن سعد. و"خالد": هو ابن معدان. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
منها: أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم ثقات، غير ابن أبي بلال، فمقبول. (ومنها): أنه مسلسل بالشاميين. (ومنها): أن فيه رواية تابعي، عن تابعي. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ) السلميّ - رضي اللَّه عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ:"يَخْتَصِمُ) أي يتنازع (الشُهَدَاءُ، وَالْمُتَوَفوْن) بتشديد الفاء المفتوحة، أي الذين ماتوا (عَلَى فُرُشِهِم) بضمتين، جمع فِراش، ككتاب وكُتُب بمعنى المفروش. قال الفيّوميّ: فَرَشتُ البساط وغيره فَرْشًا، من باب قتل، وفي لغة من باب ضرب: بَسَطتُهُ، وافترشته، فافترشَ هو، وهو الفِراش بالكسر، فِعَالٌ بمعنى مفعول، مثل كتاب، بمعنى مكتوب، وجمعه فُرُشٌ، مثلُ كتاب وكُتُب، وهو فَرْشٌ أيضًا- أي بفتح، فسكون- تسمية بالمصدر انتهى.
(إِلَى رَبِّنَا) أي رافعين اختصامهم إلى اللَّه تعالى (فِي الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ) بتشديد الفاء، والبناء للمفعول، ولا شكّ أن مقصود الشهداء بذلك إلحاق المطعون معهم، ورفِع درجته إلى درجاتهم، وأما الأموات على الفرُش فلعلّه ليس مقصودهم أصالةً أن لا تُرفع درجة المطعون إلى درجات الشهداء، فإن ذلك حسدٌ مذموم، وهو منزوع عن القلوب في تلك الدار، وإنما مرادهم أن ينالوا درجات الشهداء كما نال المطعون مع موته على الفراش، فمعنى قولهم: "كما متنا" أي فإن نالوا مع ذلك درجات الشهداء ينبغي أن ننالها أيضًا، وعلى هذا فينبغي أن يُعتبر هذا الخصام خارج الجنّة، وإلا فقد جاء فيها:{وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}[فصلت:٣١]، فينبغي أن ينال درجة الشهداء من يشتهيها في الجنّة، والظاهر أن اللَّه تعالى ينزع من قلب كلّ أحدٍ في الجنّة اشتهاء درجة من فوقه، ويُرضيه بدرجته. واللَّه تعالى أعلم. قاله السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر أن هذا الاختصام قبل دخول الجنّة، فلا يُستبعد أن يكون قولهم: "ماتوا على فُرُشهم كما متنا" من باب التنافس، لئلا يفضّلوا