للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّه، هذا الطعن، قد عرفناه، فما الطاعون؟، قال: "وخز أعدائكم (١) من الجن"، وفي كلّ شهداء".

وهذا الإسناد رجاله رجال الصحيح، غير الرجل المبهم، ويحتمل أنه أبو بكر بن أبي موسى الأشعريّ، كما أخرجه بسند آخر، فقال:

- حدثنا بكر بن عيسى، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بَلْج (٢)، قال: حدثناه أبو بكر بن أبي موسى الأشعريّ، عن أبيه، عبد اللَّه بن قيس، أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ذكر الطاعون، فقال: "وَخْزٌ من أعدائكم، من الجن، وهي شهادة المسلم".

والحاصل أن الحديث صحيح، فيستفاد منه أن الصواب في معنى الطاعون هو وّخزُ الجنّ، أي طَعْنه للإنسان، فإذا مات بسبب ذلك يكون شهيدًا. واللَّه تعالى أعلم. (فَيَقُولُ الشُّهَدَاءُ: إِخْوَانُنَا) مبتدأ خبره قوله جملة "قُتلوا"، ويحتمل أن يكون خبراً لمبتدا محذوف، أي هم إخواننا الخ (قُتِلُوا كَمَا قُتِلْنَا، وَيَقُولُ الْمُتَوَفَّوْن) بتشديد الفاء المفتوحة، بصيغة اسم المفعول (عَلَى فُرُشِهِمْ: إِخْوَانُنَا مَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ كَمَا مُتْنَا) بضم الميم، وكسرها، من مات يموت، أو مات يمات، يقال: مات يموت كقال يقول، ومات يمات، كخاف يخاف، وبهما قرىء في السبعة (فَيَقُولُ رَبُّنَا: انْظُرُوا) يحتمل أن يكون الخطاب للفريقين، ويحتمل أن يكون للملائكة (إِلَى جِرَاحِهِمْ) بكسر الجيم (فَإِنْ أَشبَهَ) وفي نسخة: "اشتبه"، والظاهر أنه تصحيف، إلا إذا أدخلت الباء في المفعول، واللَّه تعالى أعلم. (جِرَاحُهُم جِرَاحَ الْمَقْتُولِينَ، فَإنَّهَمْ مِنْهُمْ وَمَعَهُمْ) أي من جنس الشهداء، ومعهم في درجاتهم العالية.

(فَإِذَا جِرَاحُهُمْ قَدْ أَشْبَهَتْ جِرَاحَهُمْ) ولفظ أحمد: "فيقضي اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- بينهم، أن انظروا إلى جراحات الْمُطَّعَنِين، فإن أشبهت جراحات الشهداء، فهم منهم، فينظرون إلى جراح المطعنين، فإذا هم قد أشبهت، فيلحقون معهم".

و"إذا" هنا فُجَائيّة، فقيل: هي حرف، واختاره ابن مالك، وقيل: ظرف مكان، وقيل: ظرف زمان، وعلى كونها ظرفًا فعاملها الخبر، وهو "قد أشبهت".

والمعنى: أنهم لما نظروا إلى جراح المطعونين وجدوه مشابهًا لجراح الشهداء، فأُلْحِقوا بهم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث العرباض بن سارية - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا


(١) - أي طعنهم.
(٢) - هو يحيى بن سُلَيم الفزاريّ الكوفيّ، ثم الواسطيّ، وثّقه ابن معين، وابن سعد، والجوزجانيّ.