شيخه، فمكيان. (ومنها): أن فيه رواية تابعي، عن تابعي. وفيه من اشتهر بلقب بصورة الكنية، وهو أبو الزناد، فإن كنيته أبو عبد الرحمن، وفيه من اشتهر بلقبه، وهو الأعرج. وفيه أبو هريرة - رضي اللَّه عنه - أحفظ من روى الحديث في دهره. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أنه (قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، يَعْجَبُ مِنْ رَجُلَيْنِ) من باب تَعِبَ. وفيه إثبات صفة العَجَب للَّه تعالى، على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى.
وقال السنديّ: العَجَب وأمثاله مما هو من قبيل الانفعال، إذا نسب إلى اللَّه تعالى يراد به غايته، فغاية العجب بالشيء استعظامه، فالمعنى عظيم شأن هذين عند اللَّه. وقيل: بل المراد بالعجب في مثله التعجيب، ففيه إظهار أن هذا الأمر عجيبٌ. وقيل: بل العجب صفة سمعيّةٌ، يلزم إثباتها مع نفي التشبيه، وكمال التنزيه، كما هو مذهب أهل التحقيق في أمثاله. وقد سئل مالك عن الاستواء، فقال: الاستواء معلوم، والكيف غير معلوم، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. ومثله الكلام، في الضحك. واللَّه تعالى أعلم انتهى كلام السنديّ.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي حكاه السنديّ أخيرًا هو الحقّ الذي لا مرية فيه، كما صرّح هو بأنه مذهب أهل التحقيق، ومفهومه أن ما قبله ليس مذهب أهل التحقيق، بل هو مجرّد تخمين وقول على اللَّه تعالى بلا علم.
ومن أعجب صنيعه أنه حكى القولين الزائفين أولاً كأنهما معتبران، ثم أتى في الأخير بالقول الحقّ بقيل، مع أنه صرّح بأنه مذهب أهل التحقيق، فخلط عملاً صالحًا وآخر سيئًا، إن هذا لشيء عجيب.
والحاصل أن غير القول الأخير من آراء المتكلّمين، وأذنابهم من متأخري الأشاعرة وغيرهم الذين تركوا مذهب السلف من الصحابة، والتابعين، وأهل الحديث كافّة، وانخدعوا بمذهب المتكلّمين، الْمُستَقَى من الفلاسفة والملاحدة الضّالّين، فاعتبروه مذهبًا يُذكر مع مذهب أهل الحقّ، جنبًا إلى جنب، بل لا يذكرون مذهب السلف إلا بقيل، ونحوه من صيغ التمريض، إن هذا لهو العجب العجاب.
وقد بسطت الكلام على هذا في غير هذا الموضع من هذا الشرح، فراجعه تستفد، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
(يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ" -وَقَال مَرَّةً أُخْرَى) الظاهر أن القائل هو النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فيكون من