كلام أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، ويحتمل أن يكون ممن دونه، واللَّه تعالى أعلم (لَيَضْحَكُ مِنْ رَجُلَيْنِ)
قال ابن الجوزيّ -رحمه اللَّه تعالى-: أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا، ويُمرّونه كما جاء، وينبغي أن يُراعى في مثل هذا الإمرارِ اعتقاد أنه لا تشبه صفات اللَّه صفات الخلق، ومعنى الإمرار عدم العلم بالمراد منه، مع اعتقاد التنزيه. ذكره في "الفتح".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا هو الحقّ الذي لا ينبغي لمسلم أن يعتقد سواه، فصفة الضحك ثابتة للَّه -عَزَّ وَجَلَّ-كما وردت في هذا النصّ وغيره، لكن ضحكه تعالى ليس كضحك الخلق، بل هي صفة تليق بجلاله سبحانه وتعالى، ولا يلزم من إثباتها التشبيه، كما زعموا؛ لأن الصفات فرع عن الذات، فكما أن ذاته تعالى لا تشبه الذوات فكذلك صفاته.
وأما ما نقله في "الفتح" عن الخطّابيّ من تأويل الضحك بالرضا، وأيده أخيرًا، فإنه من قبيل ما تقدّم ردّه على السنديّ قريبًا، فلا تغترّ به، فإنه ليس مذهب المحققين، كما سبق قريبًا، بل هو مذهب باطلٌ، لا يُلتفت إليه، فتنبّه هداني اللَّه، وإياك إلى الطريق المستقيم، إنه بعباده رءوفٌ رحيم.
(يَقْتُلُ) بالبناء للفاعل (أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ) سيأتي في الباب التالي
توضيح معنى هذا الحديث، إن شاء اللَّه تعالى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٣٧/ ٣١٦٦ و ٣٨/ ٣١٦٧ - وفي "الكبرى" ٣٣/ ٤٣٧٣ و ٣٤/ ٤٣٧٤. وأخرجه (خ) في "الجهاد والسير" ٢٨٢٦ (م) في "الإمارة" ١٨٩٠ (ق) في "المقدّمة" ١٩١ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ٧٢٨٢ و ٢٧٤٤٦ و ٩٦٥٧ و ١٠٢٥٨ (الموطأ) في "الجهاد" ١٠٠٠. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو اجتماع القاتل والمقول في سبيل اللَّه تعالى في الجنّة. (ومنها): بيان فضل اللَّه تعالى، وسعة رحمته، حيث يجعل