للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معاوية، ويزيد يزيد. (ومنها): ثبوت فضل الغازي إذا صلحت نيّته. (ومنها): ما قال بعضهم: فيه فضل المجاهدين إلى يوم القيامة لقوله فيه: "ولستِ من الآخرين"، ولا نهاية للآخرين إلى يوم القيامة. لكن الظاهر -كما قال الحافظ- أن المراد بالآخرين في الحديث الفرقة الثانية، نعم يؤخذ منه فضل المجاهدين في الجملة، لا خصوص الفضل الوارد في حقّ المذكورين. (ومنها): أن فيه ضروبًا من إخبار النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بما سيقع، فوقع كما قال، وذلك معدود من علامات نبوّته: منها إعلامه ببقاء أمته بعده، وأن فيهم أصحاب قوّة، وشوكة، ونكاية في العدو، وأنهم يتمكّنون من البلاد حتى يغزوا البحر، وأنّ أُمّ حرام تعيش إلى ذلك الزمان، وأنها تكون مع من يغزو البحر، وأنها لا تُدرك زمان الغزوة الثانية. (ومنها): جواز الفرح بما يحدث من النعم. (ومنها): جواز الضحك عند حصول السرور؛ لضحكه - صلى اللَّه عليه وسلم - إعجابًا بما رأى من امتثال أمته أمره بجهاد العدوّ، وما أثابهم اللَّه تعالى على ذلك، وما ورد في بعض طرقه بلفظ التعجّب محمول على ذلك. (ومنها): جواز قائلة الضيف في عند مُضِيفه إذا علم برضاه، وليس هناك ضرر. (ومنها): جواز خدمة المرأة الأجنبيّة للضيف، بإطعامه، والتمهيد له، ونحو ذلك، إذا خلا من الموانع الشرعيّة، كالخلوة ونحوها. (ومنها): إباحة ما قدّمته المرأة للضيف من مال زوجها؛ لأن الأغلب أن الذي في بيت المرأة من مال الرجل، كذا قال ابن بطّال، قال: وفيه أن الوكيل، والمؤتمن إذا علم أنه يسرّ صاحبه ما يفعله من ذلك جاز له فعله، ولا شكّ أن عبادة كان يسرّه أكل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - مما قدّمته له امرأته، ولو كان بغير إذن خاصّ منه.

وتعقبه القرطبيّ بأن عبادة حينئذ لم يكن زوجها، كما تقدّم.

قال الحافظ: لكن ليس في الحديث ما ينفي أنها كانت حينئذ ذات زوج، إلا أن في كلام ابن سعد ما يقتضي أنها كانت حينئذ عَزَبًا (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في جواز ركوب البحر:

اختلف السلف في ذلك، فجوّزه الجمهور.

أخرج ابن أبي حاتم، من طريق عبد اللَّه بن شَوْذَب، عن مطر الورّاق، أنه كان لا يرى بركوب البحر بأسًا، ويقول: ما ذكره اللَّه تعالى في القرآن إلا بحقّ، ثم تلا: {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} الآية [النحل: ١٤] (٢).


(١) - العَزَبُ بفتحتين: من لا أهل له، ويطلق على الرجل، والمرأة، كما قاله في "المصباح".
(٢) - "فتح" ٥/ ١٨ في "كتاب البيوع".