للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأول من نزلها أنو شَرْوَان، وبها إيوانه، وارتفاعه ثمانون دراعًا، وبها كان سلمان، وحذيفة - رضي اللَّه تعالى عنهما -، وبها قراهما، افتتحها سعد بن أبي وقّاص - رضي اللَّه عنه - سنة أربع عشرة. وقيل: هي عدّة مُدُن، متقاربة الميلين والثلاث، والنسبة. إليها مدائنيّ. انتهى (١) (وَمَا حَوْلَهَا) أي ورُفعت لي الأماكن التي حول مدائن كسرى (وَمَدَائِنُ) جمع مدينة (كَثِيرَةٌ، حَتَّى رَأَيتُهَا بعَينَيَّ قَالَ: لَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا، وَيُغَنِّمَنَا) بتشديد النون، من التغنيم (دِيَارَهُمْ، وَيُخَرِّبَ) بتشديد الراء، من التخريب، وبتخفيفها، من الإخراب؛ لأنه يتعدّى بالتضعيف، والهمزة (بِأَيْدِينَا بِلَادَهُمْ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بذَلِكَ، ثُمَّ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الثَّانِيَةَ، فَرُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ قَيْصَرَ) لقبٌ لكلّ من ملك الروم (وَمَاَ حَوْلَهَا، حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَينَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، ادع اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا، وَيُغَنِّمَنَا دِيَارَهُم، وَيُخَرِّبَ بأَيْدِينَا بِلَادَهُمْ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِذَلِكَ، ثُمَّ ضَرَبْتُ الثَّالِثَةَ، فَرُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ الْحَبَشَةَ) بفتحات هذه هي اللغة الفاشية، والواحد حبشيّ، والْحَبَشُ لفة فيه، وهو جيلٌ من السودان (وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى، حَتَّى

رَأَيْتُهَا بعَينَيَّ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -:، عِنْدَ ذَلِكَ: "دَعُوا) أي اتركوا (الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ) أي لَا تقاتلوهم ما لم يقاتلوكم (وَاتْرُكوا التُّرْكَ) بضمّ، فسكون: جِيلٌ من الناس، والجمع أتراك، والواحد تركيّ، مثل روم ورُوميّ. قاله الفيّوميّ (مَا تَرَكُوكُمْ) قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: أي اتركوا الحبشة، والترك ما داموا تاركين لكم، وذلك لأن بلاد الحبشة وَعْرَةٌ، وبين المسلمين، وبينهم مفاوز، وقِفَار، وبحار، فلم يُكلّف المسلمين بدخول ديارهم؛ لكثرة التعب.

وأما الترك، فبأسهم شديد، وبلادهم باردةٌ، والعرب وهم جند الإسلام كانوا من البلاد الحارّة، فلم يُكلّفهم دخول بلادهم، وأما إذا دخلوا بلاد الإسلام -والعياذ باللَّه- فلا يُباح ترك القتال، كما يدلّ عليه "ما ودعوكم".

وأما الجمع بين الحديث، وبين قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} الآية [التوبة: ٣٦]، فبالتخصيص، أما عند من يجوّز تخصيص الكتاب بخبر الآحاد فواضح، وأما عند غيره، فلأن الكتاب مخصوص؛ لخروج الذميّ. وقيل: يحتمل أن تكون الآية ناسخة للحديث لضعف الإسلام، ثم قوّته.

قال السنديّ قلت: وعليه العمل -واللَّه تعالى أعلم-.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: القول بالنسخ فيه نظر، بل الأوضح التخصيص،


(١) - "تاج العروس" ٩/ ٣٤٢.