للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تأخذ فيها المعاول، قال: فشكوها إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فجاء رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال عوف (١): وأحسبه قال: وضع ثوبه، ثم هبط إلى الصخرة، فأخذ المعول، فقال: "بسم اللَّه"، فضرب ضربة، فكسر ثلث الحجر، وقال: "اللَّه أكبر، أُعطِيت مفاتيح الشام، واللَّه إني لأبصر قصورها الْحُمْر من مكاني هذا"، ثم قال: "بسم اللَّه"، وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر، فقال: "اللَّه أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، واللَّه إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض، من مكاني هذا"، ثم قال: "بسم اللَّه، وضرب ضربة أخرى، فقلع بقية الحجر، فقال: "اللَّه أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، واللَّه إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا". وفي سنده ميمون أبو عبد اللَّه البصريّ وثّقه ابن حبّان، وتكلم فيه غيره.

(وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (قَائِمٌ يَنْظُرُ) متعجّبًا، ومستغربًا لصنيع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الغريب العجيب الذي اشتمل على عدّة من المعجزات (فَبَرَقَ) من باب قتل: أي لَمَعَ، وظهر (مَعَ ضَرْبَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بَرْقَةٌ) المرّة من الْبَرَق، وهو اللَّمَعَان، أي الإضاءة (٢) (ثُمَّ ضَرَبَ الثانِيَةَ، وَقَالَ: "تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ، صِدْقًا وَعَدْلاً، لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"، فَنَدَرَ الثُّلُثُ الآخَرُ، فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ، فَرَآهَا سَلْمَانُ) الفارسيّ - رضي اللَّه عنه - (ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ، وَقَالَ: "تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ، صِدْقًا وَعَدْلًا، لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"، فَنَدَرَ الثُّلُثُ الْبَاقِي، وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي من حفرة الخندق (فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، وَجَلَسَ، قَالَ: سَلْمَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَأَيتُكَ حِينَ ضَرَبْتَ، مَا تَضْرِبُ ضَرْبَة إِلَّا كَانَتْ مَعَهَا بَرْقَةٌ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يَا سَلْمَانُ، رَأَيتَ ذَلِكَ؟) استفهام بتقدير همزته، أي أريت؟ (فَقَالَ: إِي) بكسر الهمزة، وسكون التحتانيّة: بمعنىٍ نعم، وتستعمل مع القسم، كما هنا (وَالْذِي بَعَثَكَ بالْحَقِّ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَإِنِّي حِينَ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الْأُولَى، رُفِعَتْ) بالبناء للمفعوَل: أي أُظهرت (لِي مَدَائِنُ كِسْرَى) اسم لمدينة ملك الْفُرْس. قال أبو عمرو بن العلاء: بكسر الكاف، لا غيرُ، وقال ابن السرّاج كما رواه الفارسيّ، واختاره ثعلب، وجماعة: الكسر أفصح، والنسبة إلى المكسور كِسْرِيّ، وكِسْرَوِيٌّ، بحذف الألف، وبقلبها واوًا، والنسبة إلى المفتوح بالقلب، لا غير، والجمع أكاسرة. قاله الفيّوميّ.

ومدائن كسرى: دار مملكته، قال في "القاموس"، و"شرحه": والمدائن: مدينة كِسرى، قرب بغداد، على سبع فراسخ منها، سميت لكبرها. وهي دار مملكة الفرس،


(١) - هو عوف الأعرابيّ رواي الحديث.
(٢) - لمع البرقُ، كمنع، لَمْعًا، ولَمَعانًا، محرّكةً: أضاء. انتهى "القاموس".