للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قاله ابن إسحاق، وجزم به غيره من أهل المغازي. أفاده في "الفتح" (١).

(عَرَضَتْ) من باب ضرب: أي ظهرت (لَهُمْ صَخرَةٌ) وفي حديث جابر - رضي اللَّه عنه - عند البخاريّ: قال: "إنا يوم الخندق نَحفِر، فعرضت كُدْية (٢) شديدة، فجاءوا النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقالوا: هذه كُدية، عَرَضت في الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام، وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام، لا نَذُوق ذَوَاقا، فأخذ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - الْمِعْوَل، فضرب، فعاد كثيبا أَهْيَلَ (٣) -أو أهيم- … " الحديث.

(حَالَث بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْحَفْرِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ) بكسر الميم، وسكون المهملة، وفتح الواو، بعدها لام: أي الْمِسْحَاة. وقال في "القاموس": "المِعْول، كمنبر: الحديدة يُنقَر بها الجبال انتهى (وَوَضَعَ رِدَاءَهُ نَاحِيَةَ الْخَنْدَقِ) أي في جانبه؛ وذلك ليتمكّن من ضرب الصخرة (وَقَالَ: تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) أي التي كتبها بالنصر في الدنيا والآخرة لعباده المؤمنين، كما قال: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافّات:١٧١ - ١٧٢ - ١٧٣]، وقال تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: ٢١] (٤).

(صِدْقًا وَعَدْلاً) قال قتادة: صدقًا فيما قال، وعدلاً فيما حَكَمَ، يقول صدقًا في الأخبار، وعدلاً في الطلب، فكلّ ما أخبر به، فحقّ لا مرية، ولا شكّ، وكلّ ما أمر به فهو العدل الذي، لا عدل سواه، وكلّ ما نهى عنه فباطل، فإنه لا ينهى إلا عن مفسدة، كما قال تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} إلى آخر الآية [الأعراف: ١٥٧] {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} أي ليس أحدٌ يُعقّب حكمه تعالى، لا في الدنيا، ولا في الآخرة {وَهُوَ السَّمِيعُ} لأقوال عباده {الْعَلِيمُ} بحركاتهم، وسكناتهم الذي يُجازي كلّ عامل بعمله (٥) (فَنَدَرَ ثُلُثُ الْحَجَرِ) أي سقط، يقال: ندر الشيءُ نُدُورًا، من باب قعد: سقط، أو خرج من غيره، ومنه نادرة الجبل، وهو ما يَخرُج منه، وَيبرُزُ. قاله الفيّوميّ.

وأخرج أحمد في "مسنده" من حديث البراء بن عازب - رضي اللَّه تعالى عنهما -، قال: أمرنا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بحفر الخندق، قال: وعرض لنا صخرة، في مكان من الخندق، لا


(١) - "فتح" ٨/ ١٤٨ - ١٥٠.
(٢) - بضم الكاف: القطعة الصلبة الصمّاء. وقيل في ضبطها غير ذلك.
(٣) - أي صار رملاً يسيل، ولا يتماسك. والأهيم بمعناه.
(٤) - راجع تفسير ابن كثير ٢/ ١٣٥.
(٥) - راجع تفسير ابن كثير ٢/ ١٧٣.