للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَسوار المدن، مُعَرَّبُ كَنْدَه، ويقال: خَنْدَقَهُ: إذا حفره. أفاده في "القاموس".

وإنما أمر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بحفر الخندق بإشارة سلمان الفارسيّ - رضي اللَّه عنه -، فقد ذكر أصحاب المغازي، أن سلمان - رضي اللَّه عنه - قال للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: إنا كنّا بفارس إذا حوصرنا، خندقنا علينا، فأمر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بحفر الخندق حول المدينة، وعمل فيه بنفسه ترغيبًا للمسلمين، فسارعوا إلى عمله حتى فرغوا منه، وجاء المشركون، فحاصروهم.

وفي "مغازي" موسى بن عقبة: أنه لما بلغ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - جمعهم أخذ في حفر الخندق حول المدينة، ووضع يده في العمل معهم، مستعجلين، يبادرون قدوم العدوّ. وكذا ذكر نحوه ابن إسحاق. وعند موسى بن عقبة: أنهم أقاموا في عمله قريبًا من عشرين ليلة. وعند الواقديّ: أربعًا وعشرين. وفي "الروضة" للنوويّ: خمسة عشر يومًا. وفي "الهدي" لابن القيّم أقاموا شهرًا.

وذكر موسى في "مغازيه"، قال: خرج حييّ بن أخطب بعد قتل بني النضير إلى مكة يُحرّض قريشًا على حرب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وخرج كنانة بن الربيع بن أبي الحُقَيق يسعى في بني غطفان، ويحضّهم على قتال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - على أن لهم نصف ثمر خيبر، فأجابه عُيينة بن حِصْن بن حُذيفة بن بدر الفزاريّ إلى ذلك، وكتبوا إلى حلفائهم من بني أسد، فأقبل إليهم طلحة بن خُويلد فيمن أطاعه، وخرج أبو سفيان بن حرب بقريش، فنزلوا بِمَرّ الظهران، فجاءهم مَن أجابهم من بني سُليم مددًا لهم، فصاروا في جمع عظيم، فهم الذين سمّاهم اللَّه تعالى الأحزاب. وذكر ابن إسحاق بأسانيده أن عدّتهم عشرة آلاف، قال: وكان المسلمون ثلاثة آلاف. وقيل: كان المشركون أربعة آلاف، والمسلمون نحو الألف. وقال موسى بن عقبة: لم يكن بينهم قتالٌ، إلا مُراماة بالنبل والحجارة، وأصيب منها سعد بن معاذ بسهم، فكان سبب موته.

وذكر أهل المغازي سبب رحيلهم، وأن نُعيم بن مسعود الأشجعيّ ألقى بينهم الفتنة، فاختلفوا، وذلك بأمر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - له بذلك، ثم أرسل اللَّه تعالى عليهم الريح، فتفرّقوا، وكفى اللَّه المؤمنين القتال.

وتسمّى هذه الغزوة غزوة الخندق؛ لما ذُكر، وغزوة الأحزاب؛ لاجتماع طوائفَ من المشركين على حرب المسلمين، وهم قريش، وغطفان، واليهود، ومن تبعهم، وقد أنزل اللَّه تعالى في هذه القصّة صدر "سورة الأحزاب".

وكانت غزوة الأحزاب في شوّال سنة أربع من الهجرة، على ما قاله موسى بن عقبة، وتابعه مالك، ومال إليه البخاريّ في "صحيحه" وقوّاه. وقيل: في شوّال سنة خمس،