بناء على ظاهر الحال، إما بسبب شجاعته، أو نحو ذلك (فَقَالَ: "نَبِيُّ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا) أي بسببهم، ثم بيّن سبب النصر، فقال (بِدَعْوَتهِمْ) أي بسبب دعائهم لربّهم حتى ينصر المسلمين (وَصَلَاتهِمْ) أي ببركة صلاتهم التي يقيمونها بأركانها، وسننها، وآدابها، وخشوعها، كما أمرهم اللَّه تعالى بذلك (وَإِخْلَاصِهِمْ) أي بسبب إخلاص العبادة لربّهم، بحيث لا يشوبونها بشيء من الشرك الجليّ والخفيّ.
ولفظ البخاريّ من طريق محمد بن طلحة، عن اْبيه: "فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: هل تُنصرون إلا بضعفائكم".
قال ابن بطّال -رحمه اللَّه تعالى-: تأويل الحديث أن الضعفاء أشدّ إخلاصًا في الدعاء، وأكثر خشوعًا في العبادة؛ لخلاء قلوبهم عن التعلّق بزخرف الدنيا.
وقال المهلّب -رحمه اللَّه تعالى-: أراد - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك حضّ سعد - رضي اللَّه عنه - على التواضع، ونفي الزهو على غيره، وترك احتقار المسلم في كلّ حالة.
وقد روى عبد الرزّاق من طريق مكحول في قصّة سعد هذه زيادةً مع إرسالها، فقال: قال سعد: يا رسول اللَّه، أرأيت رجلاً يكون حاميةَ القوم، ويدفع عن أصحابه أن يكون نصيبه كنصيب غيره؟ "، فذكر الحديث.
وعلى هذا فالمراد بالفضل إرادة الزيادة من الغنيمة، فأعلمه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن سهام المقاتلة سواء، فإن كان القويّ يترجّح بفضل شجاعته، فإن الضعيف يترجّح بفضل دعائه وإخلاصه. قاله في "الفتح".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر أن الحديث يعمّ المعنيين، فلا داعي لقصره على أحدهما. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث سعد بن أبي وقّاص - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٤٣/ ٣١٧٩ - وفي "الكبرى" ٣٩/ ٤٣٨٧. وأخرجه (خ) في "الجهاد والسير" ٢٨٩٦ (أحمد) في "مسند العشرة" ١٤٩٦. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو استحباب طلب النصر على الأعداء من اللَّه تعالى بدعوة الضعفاء الصالحين. (ومنها): أن رفعة القدر عند اللَّه تعالى