للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كونكم قاصدين الفساد، بل مريدين صلاح البلاد والعباد (كَانَ نَوْمُهُ) أي حينئذ (وَنُبْهُهُ) ظاهر عبارة "القاموس" أنه -بضمّ، فسكون- بمعنى القيام من النوم. وضبطه السيوطيّ في "حاشية أبي داود" -بفتح، فسكون- بمعنى ضدّ النوم، وقال في "شرحه" لهذا الكتاب: بفتح، فكسر موحّدة-: الانتباه من النوم. قال السنديّ: والظاهر أن قوله: فكسر موحّدة غلط انتهى (١).

وفي "المرقاة": "ونبهه" -بفتح الموحّدة-، وفي نسخة صحيحة بسكونها: أي يقظته، وفي معناهما غفلته وذكره، وأكله وشربه، وحركته وسكونه (أَجْرًا) أي ذا أجر وثواب. وقوله (كُلُّهُ) بالرفع تأكيد و"نومه، ونبهه"، أي كان كلّ واحد منهما له أجرًا. وهذا التركيب مشعر باهتمام حمل الأجر على النوم والنبه مبالغةً في بيان كونهما شيئين مستقلّين غاية الاستقلال. قاله في "المرقاة" (٢).

(وَأَمَّا مَنْ غَزَا رِيَاءً) بكسر الرياء، وتخفيف التحتانيّة، ممدودًا: أي ليرى الناس جلادته، وشجاعته، فيحمدوه (وَسُمْعَةً) بضم، فسكون: أي ليسمع الناس صِيته في شجاعته، وجلادته، فيحمدوه أيضًا (وَعَصَى الإمَامَ) أي خالف أمره، ونهيه (وَأَفْسَدَ فِي الأَرْضِ) أي عمل بالفساد فيها بإهلاك الحرث والنسل، {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرهّ: ٢٠٥] (فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بالْكَفَافِ) -بفتح الكاف، قال في "القاموس": كَفَافُ الشيءِ، كسَحَاب مثلُهُ، ومن الرزق ما كفّ عن الناس، أي أغنى. انتهى. وقال ابن الأثير: الكفاف: هو الذي لا يفضل عن الشىء، بل يكون بقدر الحاجة إليه انتهى (٣). قال في "اللسان": ومنه قول الأُبَيرِد الْيَرْبُوعيّ [من الطويل]:

أَلَا لَيْتَ حَظِّي مِنْ غُدَانَةَ أَنَّهُ … يَكُونُ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَا

والمراد أنه لا يرجع من تلك الغزوة سالمًا، بل إنما يرجع متحمّلاً أوزارًا بسبب عدم إخلاصه، وعصيانه لإمامه، وإفساده في الأرض. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والماب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الألى): في درجته:

حديث معاذ بن جبل - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح، إن سلم من تدليس بقيّة، وقد حسّنه الشيخ الألباني؛ لكونه صرّح بالتحديث في رواية الهيثم بن كُليب في "مسنده"


(١) - "شرح السنديّ" ٦/ ٤٩/ ٥٠.
(٢) - "المرقاة" ٧/ ٤٠٧.
(٣) - "النهاية" ٤/ ١٩١.