قال ابن خيثمة، عن ابن معين: ثقة. وقال العجليّ: شاميّ تابعيّ، ثقة. وذكره ابن حبّان في "الثقات". وقال الواقديّ: كتب عثمان إلى معاوية أن أَغْزِ الصائفة رجلاً مأمونًا، فعقد لأبي بحرية، وكان ناسكًا فقيهًا، يُحمل عنه الحديث، مات زمن الوليد بن عبد الملك، وكان خلفاء بني أميّة يُعظمونه. وقال ابن عبد البرّ: تابعيّ ثقة. وذكر أبو الحسن بن سُميع أنه أدرك الجاهليّة. وذكر الطبريّ أنه مات سنة (٧٧). أخرج له الجماعة، سوى البخاريّ، وله عند المصنّف في هذا الكتاب حديث الباب فقط، أخرجه هنا-٤٦/ ٣١٨٩ وأعاده في -٢٩/ ٤١٩٦ - .
٦ - (معاذ بن جبل) بن عمرو بن أوس الأنصاريّ الخزرجيّ، أبو عبد الرحمن، من أعيان الصحابة، شهد بدرًا وما بعدها، وكان إليه المنتهى في العلم بالأحكام والقرآن، مات بالشام سنة (١٨) على المشهور، وتقدم في ٤٢/ ٥٨٧. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، فتفرد به هو وأبو داود، وابن ماجه، وبَحِير فمن رجال الأربعة، وبقيةُ علّق له البخاريّ، وأخرج له مسلم في المتابعات. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أَنَّهُ قَالَ:"الْغَزْوُ) أي جنسه، لا الغزو المعهود (غَزْوَانِ) أي نوعان، أو قسمان. قال القاضي: أي غزوٌ على ما ينبغي، وغزو لا على ما ينبغي، فاقتصر الكلام، واستغنى بذكر الغُزَاة، وعدّ أصنافهم، وشرح حالهم، وبيان أحكامهم عن ذكر القسمين، وشرح كلّ واحدٍ منهما مفصّلاً، حيث قال (فَأَمَّا مَنِ ابْتَغَى وَجْهَ اللَّهِ) أي طلب رضا مو لاه. وفي رواية: "فأما من غزا ابتغاء وجه اللَّه تعالى" (وَأَطَاعَ الإِمَامَ) أي في غزوه، فأتى به على نحو ما أمره (وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ) أي الأموال العزيزة عليه الجامعة للكمال. وفي "المرقاة": أي المختارة من ماله، وقتل نفسه، والتاء للنقل من الوصفيّة إلى الاسميّة (وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ) أي عامله باليسر والسهولة، وفي "المرقاة": من المياسرة، بمعنى المساهلة، أي ساهل الرفيق على وجه المبالغة، واستعمل اليسر معه نفعًا بالمعونة، وكفايةً بالمؤونة (وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ) أي التجاوز عن المشروع، قتلاً، وضربًا، وتخريبًا، ونهيًا على قصد الفساد؛ لقوله تعالى:{وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}[هود: ٨٥]، أي لا تُفسدوا فيها، حال