للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي وقعت فيه القصّة (١).

(إِذ قَالَتِ امرَأَةٌ) قال الحافظ: هذه المرأة لم أقف على اسمها، ووقع في "الأحكام لابن القطاع" أنها خولة بنت حكيم، أو أم شريك، وهذا نقل من اسم الواهبة الوارد في قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} انتهى.

وقد تقدّم قريبًا في شرح حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - بيان تعدد الواهبات أنفسهنّ. واللَّه تعالى أعلم. (إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفسِي لَكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ) وفي رواية البخاريّ: "إنها وهبت نفسها لك" على طريق الالتفات، وفي رواية حماد بن زيد: "إنها قد وهبت نفسها للَّه ولرسوله"، وفي رواية يعقوب، والثوريّ: "يا رسول اللَّه جئت أهب نفسي لك"، وفي رواية فضيل بن سليمان: "فجاءته امرأة تَعْرِضُ نفسها عليه". وفي كلّ هذه الروايات حذف مضاف، تقديره: أمرَ نفسي، أو نحوه، وإلا فالحقيقة غير مرادة؛ لأن رقبة الحرّ لا تملك، فكأنها قالت: أتزوجك من غير عوض.

(قَرَأ) هكذا نسخ "المجتبى" بهمزة ساكنة بعد راء مفتوحة، هكذا ضبطوه، الظاهر أن الضبط الصحيح عند ثبوت الهمزة تسكين الراء، وفتح الهمزة؛ لأنه فعل أمر من رأى، فيكون ارْأَ، بوزن ارْعَ، وهو لغة بني تميم. قال في "اللسان" فإذا جئت إلى الأمر، فإن أهل الحجاز يتركون الهمز، فيقولون: رَ ذلك، وللاثنين: رَيَا، وللجماعة: رَوْا ذلك، وللمرأة: رَيْ ذلك، وللاثنتين كالرجلين، وللجماعة: رَيْنَ ذاكُنّ. وبنو تميم يهمزون جميع ذلك، فيقولون: ارْأَ ذلك، وارْأَيَا، ولجماعة النساء: ارْأَيْنَ انتهى.

فتبيّن بهذا أن الصواب عند من أثبت الهمزة هنا: "فَارْأَ".

ولعلّ الصواب في حالة إثبات الهمزة أن يُقرأ "فَرْأَ" براء ساكنة، وهمزة مفتوحة، وحذفت منه همزة الوصل بعد الفاء خطأ تبعا للفظ. واللَّه تعالى أعلم.

ولفظ "الكبرى": "فَرَ فيّ رأيك"، وفي رواية البخاريّ: "فَرَ فيها رأيك". قال في "الفتح": كذا للأكثر براء واحدة، مفتوحة، بعدَ فاءِ التعقيب، وهي فعل أمر من الرأي، ولبعضهم بهمزة ساكنة، بعد الراء، وكلّ صواب، ووقع بإثبات الهمزة في حديث ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - أيضًا. انتهى.

[فائدة]: في ذكر قاعدة من قواعد علم الصرف تتعلّق بقوله: "فَرَ"، حيث بقي على حرف واحد، وأصل ذلك أنه فعل أمر من رأى، فأصله "ارْأَ"، نقلت حركة الهمزة إلى الراء، وحذفت همزة الوصل للاستغناء بتحريك ما بعدها، فبقي "رَ" على حرف واحد،


(١) - المصدر السابق.