للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أما أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية، فصُعلوك، لا مال له، ولكن انكحي أسامة بن زيد، فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة بن زيد"، فنكحته، فجعل اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- فيه خيرًا عظيمًا".

(فَأَنْكَرَ ذَلِكَ) أي خروج المطلّقة من بيتها (عَلَيْهَا مَرْوَانُ) بن الحكم (وَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَحَدٍ قَبْلَكِ) أي لم أسمع بخروج المعتدّة مطلقًا من بيتها قبل أن تحدّثيني به الآن (وَسَآخُذُ بِالْقَضِيَّةِ) بالقاف، والضاد المعجمة، هكذا نسخُ "المجتبى"، وهو واضح. ووقع في "الكبرى": "بالعصمة" بكسر العين، وسكون الصاد المهملتين-وهو الذي في معظم نسخ "صحيح مسلم قال النوويّ: معناه بالثقة، والأمر القويّ الصحيح انتهى (١) (الَّتِي وَجَدنَا النَّاسَ عَلَيْهَا) وهو وجوب السكنى للمبتوتة. وهذا يفيد أن مذهب أهل المدينة كان على أن للمطلّقة ثلاثًا السكنى. وذكر مالك في "الموطإ" أنه سمع ابن شهاب يقول: المبتوتة لا تخرج من بيتها حتى تَحِلّ، وليست لها نفقةٌ، إلا أن تكون حاملاً، فيُنفق عليها حتى تضع حملها. قال مالك: وهذا الأمر عندنا انتهى (٢).

وقد أنكر على فاطمة قبل مروان عمر بن الخطّاب - رضي اللَّه عنه -، ففي "صحيح مسلم": قال عمر: لا نترك كتاب اللَّه، وسنة نبينا - صلى اللَّه عليه وسلم - لقول امرأة، لا ندري لعلها حفظت، أو نسيت، لها السكنى والنفقة، قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} الآية [الطلاق: ١].

وكذلك أنكرت ذلك عليها عائشةُ، ففي "مسلم" أيضًا: وقال عروة: إن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة بنت قيس انتهى.

وقوله (مُخْتَصَرٌ) أي هذا الحديث مختصرٌ في هذه الرواية، وقد ساقه مسلم في "صحيحه"، من طريق معمر، عن الزهريّ، ولفظه: "فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان: فبيني وبينكم القرآن، قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الآية [الطلاق: ١]. قالت: هذا لمن كانت له مراجعةٌ، فأيّ أمر يحدث بعد الثلاث؟، فكيف تقولون: لا نفقة لها إذا لم تكن حاملاً، فعلام تحبسونها؟ " انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث فاطمة بنت قيس - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه مسلم.


(١) - "شرح مسلم"١٠/ ٣٤١.
(٢) - "الموطأ" بشرح الزرقانيّ ٣/ ٢١٠.