كانوا" متّفق عليه.
وأخرج الترمذيّ بسنده، وحسّنه، من حديث أبي حاتم المزنيّ - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه، إلا تفعلوه، تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير"، قالوا: يا رسول اللَّه، وإن كان فيه؟ فقال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثلاث مرّات.
وأخرج أبو داود في "سننه"، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبيّ من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال يا بني بياضة: أَنكِحوا أبا هند، وانكحوا إليه"، وكان حجامًا.
وزوّج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - زينب بنت جحش القرشيّة من زيد بن حارثة مولاه - رضي اللَّه تعالى - عنهما، وزوّج فاطمة بنت قيس الفهريّةَ القرشيّة من أسامة ابنه، وتزوّج بلال - رضي اللَّه تعالى عنه - بأخت عبد الرحمن بن عوف، وقد قال اللَّه تعالى: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} الآية [النور: ٢٦]، وقال: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية [النساء: ٣].
قال الإمام ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى- بعد أن ذكر ما تقدّم: فالذي يقتضيه حكمه - صلى اللَّه عليه وسلم - اعتبار الدين في الكفاءة أصلاً، وكمالاً، فلا تُزوّج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر، ولم يعتبر القرآن ولا السنة في الكفاءة أمرًا وراء ذلك، فإنه حرّم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث، ولم يعتبر نسبًا، ولا صناعةً، ولا غنىً، ولا حرّيّةٌ، فجوز للعبد القنّ نكاح الحرّة النسيبة الغنيّة، إذا كان عفيفًا مسلمًا، وجوّز لغير القرشيين نكاح القرشيّات، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميّات، وللفقراء نكاح الموسرات انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله الإمام ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى- هو عين التحقيق الذي لا ينبغي التعويل إلا عليه، ولا الرجوع إلا إليه.
والحاصل أن الكفاءة المعتبرة بين الزوجين هي الدين فقط، وما عدا ذلك من النسب، والحسب، والمال، ونحو ذلك فلا اعتداد به، فإذا رضيت المرأة الهاشميّة بأن تتزوج مولى من الموالي، فلا اعتراض لأحد عليها، وكذا الغنية إذا رضيت بالفقير، ونحو ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٢٢٤ - (أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ رَاشِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ, قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ, عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ, وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا, مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, تَبَنَّى سَالِمًا, وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ, هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ, وَهُوَ مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ