للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كذلك، وليس أحد من العرب كفأ لقريش، كما أنه ليس أحد من غير العرب كفأً للعرب. وهو وجه للشافعيّة، والصحيح تقديم بني هاشم والمطّلب على غيرهم، ومن عدا هؤلاء أكفاء بعضهم لبعض. وقال الثوريّ: إذا نكح المولى غير العربيّة يُفسخ النكاح. وبه قال أحمد في رواية. وتوسّط الشافعيّ، فقال: ليس نكاح غير الأكفاء حرامًا، فأردّ به النكاح، وإنما هو تقصير بالمرأة، والأولياء، فإذا رضوا صحّ، ويكون حقًا لهم تركوه، فلو رضوا إلا واحدًا فله فسخه، وذكر أن المعنى في اشتراط الولاية في النكاح كيلا تُضِيعَ المرأة نفسها في غير كفء. انتهى.

ونقل ابن المنذر عن البويطيّ أن الشافعيّ قال: الكفاءة في الدين. وهو كذلك في "مختصر البويطي"، قال الرافعيّ: وهو خلاف مشهور. ونقل الأبزي عن الربيع أن رجلاً سأل الشافعيّ عنه، فقال: أنا عربيّ، لا تسألني عن هذا.

قال الحافظ: ولم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنسب حديث. وأما ما أخرجه البزّار من حديث معاذ - رضي اللَّه عنه - رفعه: "العرب بعضهم أكفاء بعض، والموالي بعضهم أكفاء بعض". فإسناده ضعيف.

واحتجّ البيهقيّ بحديث واثلة مرفوعًا: "إن اللَّه اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل … " الحديث. وهو صحيح، أخرجه مسلم، لكن في الاحتجاج به لذلك نظر، لكن ضمّ بعضهم إليه حديثَ: "قدّموا قريشًا، ولا تقدّموها".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الاحتجاج بضم هذا الحديث إلى ما قبله على اشتراط الكفاءة في النسب ساقطٌ لا اعتداد به؛ لمخالفته للأدلة الصحيحة الصريحة التي تنفي اشتراطه، كحديث الباب، فقد أمر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - فاطمة أن تنكح أسامة، فنكحته بعد تردّدت لكراهتها له، فحمدت عقباها.

وقال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} الآية [الحجرات: ١٣]. وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} الآية [الحجرات: ١٠]. وقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ} الآية [التوبة: ٧١]. وقال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} الآية [آل عمران: ١٩٥].

وقال - صلى اللَّه عليه وسلم -: لا فضل لعربيّ على عجميّ، ولا لعجميّ على عربيّ، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب" (١).

وقال - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن آل بني فلان ليسوا بأوليائي، إن أوليائي المتّقون حيث كانوا، وأين


(١) - رواه أحمد في "مسنده" ٥/ ٤١١ بإسناد صحيح، عن رجل من أصحاب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -.