و"الحسّب -بفتحتين-: أصله الشرف بالآباء، وما يعدّه الإنسان من مفاخرهم، وجمعه أحساب. قال الفيّوميّ -رحمه اللَّه تعالى-: "الحسَب -بفتحتين-: ما يُعدّ من المآثر، وهو مصدرُ حَسُبَ، وزانُ شَرُفَ شَرَفًا، وكَرُمَ كَرَمًا. قال ابن السّكِّيت: الحسَبُ، والكَرَمُ يكونان في الإنسان، وإن لم يكون لآبائه شرَفٌ، ورجلٌ حَسِيبٌ: كَرِيم بنفسه. قال: وأما المجد، والشَّرَفُ فلا يوصف بهما الشخص، إلا إذا كانا فيه، وفي آبائه. وقال الأزهريّ: الحسَبُ: الشَّرَفُ الثابتُ له، ولآبائه. قال: وقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "تُنكح المرأة لحسَبِها" أحوجَ أهلَ العلم إلى معرفة الحسَب؛ لأنه مما يُعتبر في مهر المثل، فالحسَبُ انفَعَالُ له، ولآبائه، مأخوذٌ من الحِسَاب، وهو عَدُّ المناقب؛ لأنهم كانوا إذا تفاخروا حَسَبَ كلُّ واحد مناقبه، ومناقب آبائه، ومما يشهد لقول ابن السّكّيت قول الشاعر [من الطويل]:
وَمَن كَانَ ذَا نَسْبٍ (١) كَرِيمٍ وَلَمْ يَكُنْ … لَهُ حَسَبٌ كَانَ اللَّئِيمَ الْمُذمَّمَا
جعل الحسب فَعَالَ الشخص، مثل الشجاعة، وحسن الخلُق، والجود. ومنه قوله: "حسَبُ المرء دِينُهُ" انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
٣٢٢٦ - (أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ, عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ, عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «إِنَّ أَحْسَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا, الَّذِي يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ الْمَالُ»).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (يعقوب بن إبراهيم) الدَّوْرَقيّ، أبو يوسف البغداديّ الثقة الحافظ [١٠] ٢١/ ٢٢.
٢ - (أبو تُميلة) -بمثنّاة، مصغّرًا-: هو: يحيى بن واضح الأنصاريّ مولاهم المروزيّ، مشهور بكنيته، ثقة، من كبار [٩] ٢٧/ ١٥٨٥.
٣ - (حسين بن واقد) أبو عبد اللَّه المروزيّ القاضي، ثقة له أوهام [٧] ٥/ ٤٦٣.
٤ - (ابن بُريدة) هو: عبد اللَّه بن بُريدة المروزيّ القاضي ثقة [٣] ٢٥/ ٣٩٣.
٥ - (أبوه) هو: بُريدة بن الحُصيب الأسلميّ الصحابيّ المشهور، مات - رضي اللَّه تعالى عنه - سنة (٦٣)، وتقدم في ١٠١/ ١٣٣. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم
(١) - بسكون السين المهملة للوزن.