للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمراوزة، غير شيخه، فإنه بغداديّ. (ومنها): أن شيخه هو أحد التسعة الذين روى عنهم الأئمة الستة، أصحاب الأصول بدون واسطة، وتقدّموا غير مرّة، وفيه رواية الابن عن أبيه. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنِ) عبد اللَّه (ابْنِ بُرَيدَةَ، عَنْ أَبِيهِ) بُريدة بن الْحُصيب - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: إِنَّ أَحْسَابَ أَهْلِ الدُّنْيا) أي فضائلهم (الَّذِي) هكذا وقع عند المصنّف، وابن حبّان، والحاكم بلفظ "الذي" وهو الوجه، ووقع في "مسند الإمام أحمد" بلفظ: "الذين". قال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: كذا وقع في أصلنا من مسند الإمام أحمد، وصوابه "الذي يذهبون إليه"، وكذا رواه النسائيّ، وابن حبّان، والحاكم، والوجه أن أحساب أهل الدنيا التي يذهبون إليها، فيؤتى بوصف الأحساب مؤنثا؛ لأن المجموع مؤنّثة، وكأنه روعي في التذكير المعنى، دون اللفظ. وأما "الذين" فلا يظهر له وجهٌ؛ لأنه ليس وصفًا لأهل الدنيا، وإنما هو وصفٌ لأحسابهم، إلا أن يكون اكتسب ذلك منه للمجاورة، كاكتساب الإعراب من المجاور في قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]، وفي قوله: "جُحْرُ ضبّ خَرِبٍ"، في أمثلة لذلك معروفة.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هكذا قال: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، وفيه نظر، بل الذي مثّلوا به -على ما قيل- قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، في قراءة الجرّ، عطفًا على "رؤوسكم" من قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، وإن كانت الأرجل من المغسولات، لكن جرّت للمجاورة. فليُتنبّه.

(يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ) أي يميلون إليه، ويعتمدون عليه (الْمَالُ) بالرفع خبر "إنّ". ولفظ أحمد: "هذا المال". يعني أن فضائلهم التي يرغبون فيها، ويميلون إليها، ويعتمدون عليها في النكاح وغيره هو المال، ولا يعرفون شرفًا آخر، مساويًا له، بل ولا مدانيًا له أيضًا، لا علمًا، ولا دينًا، ولا ورَعًا، وهذا هو الذي صدّقه الوجود، فصاحب المال عندهم عزيز كيفما كان؟، والفقير عندهم ذليلٌ كيفما كان؟. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث بريدة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيحٌ، وهو من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَي-، أخرجه هنا-٩/ ٣٢٢٦ - وفي "الكبرى" ٩/ ٥٣٣٥. وأخرجه (أحمد) في "باقي