للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسند الأنصار" ٢٢٤٨١ و ٢٢٥٥٠ (ابن حبان) في "صحيحه" ١٢٣٣ و ١٢٣٤ (الحاكم) في "المستدرك" ٢/ ١٦٣ (البيهقيّ) في "سننه" ٧/ ١٣٥. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): قال الحافظ وليّ الدين: هذا الحديث يحتمل أن يكون خرج مخرج الذّمّ لذلك؛ لأن الأحساب إنما هي بالأنساب، لا بالمال، فصاحب النسب العالي هو الحسيب، ولو كان فقيرًا، والوضيع في نسبه ليس حسيبًا، ولو كان ذا مال. ويحتمل أن يكون خرج مخرج التقرير له، والإعلام بصحّته، وإن تفاخر الإنسان بآبائه الذين انقرضوا مع فقره لا يُحَصِّلُ له حَسَبًا، وإنما يكون حسبه وشرفه بماله، فهو الذي يرفع شأنه في الدنيا، وإن لم يكن طيّب النسب. ويدلّ للاحتمال الثاني ما رواه الترمذيّ، وابن ماجه، والحاكم في "مستدركه" من حديث قتادة، عن الحسن، عن سمرة - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الحسَبُ المال، والكرم التقوى" (١). قال الترمذيّ: حسن صحيح، غريبٌ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.

وقد ذكر بعضهم أن الحسب والكرم يكونان في الرجل، وإن لم يكن له آباء لهم شرف، والشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء.

وروى الحاكم في "مستدركه" من حديث مسلم بن خالد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "كرم المؤمن دينه، ومروءته عقله، وحسَبه خلقه". وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم (٢).

وقال في "الفتح": وأما ما أخرجه أحمد، والنسائيّ، وصححه ابن حبّان من حديث بُريدة - رضي اللَّه عنه -، رفعه: "إن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال". فيحتمل أن يكون المراد أنه حَسَبُ مَن لا حَسَبَ له، فيقوم النسب الشريف لصاحبه مقام المال لمن لا نسب له. ومنه حديث سمرة - رضي اللَّه عنه -، رفعه: "الحسَبُ المال، والكرم التقوى". أخرجه أحمد، والترمذيّ، وصححه هو، والحاكم. وبهذا الحديث تمسّك من اعتبر الكفاءة بالمال.

أو أن من شأن أهل الدنيا رفعة من كان كثير المال، ولو كان وضيعًا، وضَعَةُ من كان


(١) - أخرجه الترمذيّ في "الجامع" في "التفسير" برقم ٣٢٧١ - وفيه عنعنة قتادة، والحسن، وفي سماع الحسن من سمرة الخلاف المشهور، إلا أن حديث بريدة المذكور في الباب يشهد له، فيتقوى به، ولذا لا يبعد تصحيح من صححه. واللَّه تعالى أعلم.
(٢) - بل هو ضعيف؛ لضعف مسلم بن خالد الزنجيّ، وقد تعقّب الذهبيّ الحاكم، فقال: الزنجيّ ضعيف. راجع "المستدرك" ١/ ١٢٣ و ٢/ ١٦٢.