للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحاصله أن الرجل رأى منها ما يُريبه، فخشي وقوع الفاحشة، فأمره - صلى اللَّه عليه وسلم - بإبعادها، ومفارقتها، من باب "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، وأما حمله على الفجور المحقق فلا شكّ أنه يتنافى مع مقاصد الشريعة المطهّرة، التي جاءت لإبعاد الناس عن الفجور، فلا يأمر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - الرجل بإقرار أهله على الفاحشة، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤]، وما نزل الوحي إلا بالنهي عن الفحشاء، كما قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} الآية [الأعراف: ٢٨]. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

(قَالَ: أَبو عَبْد الرَّحْمَنِ) النسائيّ -رحمه اللَّه تعالى- (هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بثَابِتٍ) لأن الصحيح إرساله، والمرسل ضعيف، وأما وصله بذكر ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، فغير صحيح؛ لأنه من رواية عبد الكريم أبي أميّة، وهو ضعف جدًّا، كما بينه بقوله (وَعَبْدُ الْكَرِيمِ لَيْسَ بِالقَويّ) بل هو ممن أجمعوا على ضعفه، كما سبق في ترجمته (وَهَارُونُ بْنُ رِئَابٍ، أَثْبَتُ مِنْهُ، وَقَدْ أَرْسَلَ الْحَدِيثَ، وَهَارُونُ ثِقَةٌ، وَحَدِيثُهُ) أي حديث هارون (أَوْلَى بِالصَّوَابِ) لكونه ثقة (مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْكَرِيمِ) الضعيف الذي رواه موصولًا.

قال الجامع - عفا اللَّه تعَالى عنه -: حاصل كلام المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- تضعيف وصل هذا الحديث؛ وإنما هو مرسلٌ؛ وذلك لأنه من رواية عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو شديد الضعف، لكن سيأتي له الحديث -٣٤/ ٣٤٦٦ - موصولاً بذكر ابن عباس من رواية النضر بن شُميل، عن حماد بن سلمة، وغاية ما علّل به تلك الرواية مخالفة النضر ليزيد بن هارون، لكن هذا لا يضرّه؛ لأن النضر ثقة ثبت حافظ، فوصله زيادة ثقة، ولا سيّما وقد أخرجه من رواية الحسين بن واقد، عن عُمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -.

والحاصل أن الحديث متّصلٌ صحيحٌ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا صحيح، كما سبق البحث عنه آنفًا.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-١٢/ ٣٢٣٠ و ٣٤/ ٣٤٦٥ و ٣٤٦٦ - وفي "الكبرى" ١٢/ ٥٣٣٩ و ٥٤٠ و ٣٥/ ٥٦٥٨ و ٥٦٥٩. وأخرجه (د) في "النكاح" ٢٠٤٩. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".