(عَنِ الْمُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: خَطَبْتُ امْرَأَةً عَلَى عَهْدِ) أي في وقت (رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَقَالَ: النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ "، قُلتُ: لَا، قَالَ:"فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإنَّهُ أَجْدَرُ) أفعل تفضيل، من جدُر، من باب كرُم، يقال: هو جديرٌ بكذا، ولكذا: أَي خَليقٌ له، والجمع جَديرون، وجُدَراءُ، والأنثى جَديرة. أفاده في "اللسان" (أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا) بالبناء للمفعول، من أَدَمَ يَأْدِمُ أَدْمًا، بلا مدّ، من باب ضرب، أو من آدم بالمدّ يُؤْدِمُ إيدامًا، أي يوفَّقَ، ويؤلّف بينكما. قال ابن الأثير: أي تكون بينكما المحبّة والاتفاق، يقال: أَدَم اللَّه بينهما يَأْدِم أَدمًا بالسكون- من باب ضرب-: أي ألّف، ووفّق، وكذلك آدم يُؤْدِم بالمدّ، فَعَلَ، وأَفْعَلَ انتهى (١).
وقال في "اللسان": "الأُدْمُ": الأُلفة، والاتفاقُ، وأَدَم اللَّهُ بينهم يَأْدِمُ أَدْمًا، ويقال: آدم بينهما يُؤْدِمُ إِيدامًا أيضًا، فَعَلَ، وأَفعَلَ بمعنًى، وأنشد:
وَالْبِيضُ لَا يُؤْدِمْنَ إِلاَّ مُؤْدَمًا
أي لا يُحْبِبْنَ إلا مُحبّبًا موضعاً لذلك. قال: وقال الكسائيّ في معنى الحديث: "يُؤدَمُ بينكما" يعني أن تكون بينهما المحبّة والاتفاق. قال أبو عبيد: لا أرى الأصل فيه إلا من أَدمِ الطعام لأن صلاحه وطيبه إنما يكون بالإدام، ولذلك يقال: طعامٌ مأدُومٌ انتهى.
وأخرج حديث المغيرة هذا الإمام أحمد في "مسنده"، والبيهقيّ في "سننه"، مطوّلاً، ولفظ أحمد- ٤/ ٢٤٤ و ٢٤٥:
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن بكر بن عبد اللَّه المزني، عن المغيرة بن شعبة، قال: "أتيت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فذكرت له امرأة أخطبها، فقال:"اذهب، فانظر إليها، فإنه أجدر أن يُؤْدَمَ بينكما"، قال: فأتيت امرأة من الأنصار، فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فكأنهما كرها ذلك، قال: فسَمِعَتِ ذلك المرأة، وهي في خِدْرِها، فقالت: إن كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أمرك أن تنظر، فانظر، وإلا، فإني أنشدك، كأنها أعظمت ذلك عليه، قال: فنظرت إليها، فتزوجتها، فذكر من موافقتها.
وفي رواية البيهقيّ -٧/ ٨٤ - ٨٥ - :"فقلت: إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أمرني أن أنظر إليها، قال: "فسكتا، قال: فرفعت الجارية جانب الخدر، فقالت: أُحرّج عليك إن كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أمرك أن تنظر إليّ، لَمّا نظرتَ، وإن كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يأمرك أن