للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ, فَسَخِطَتْهُ, فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ, فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ, فَقَالَ: «لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ» , فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ, ثُمَّ قَالَ: «تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي, فَاعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ, فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى, تَضَعِينَ ثِيَابَكِ, فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» , قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ, ذَكَرْتُ لَهُ, أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ, وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ, فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ, وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ, لَا مَالَ لَهُ, وَلَكِنِ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» , فَكَرِهْتُهُ, ثُمَّ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» , فَنَكَحْتُهُ, فَجَعَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِيهِ خَيْرًا, وَاغْتَبَطْتُ بِهِ").

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه الحارث، وهو ثقة حافظ. و"عبد اللَّه بن يزيد": هو المخزوميّ المدنيّ المقرئ الأعور، مولى الأسود بن سُفيان ثقة [٦] ٥١/ ٩٦١.

وقوله: "أن أبا حفص طلّقها" قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: هكذا قال الجمهور. وقيل: أبو حفص بن عمرو. وقيل: أبو حفص بن المغيرة. واختُلف في اسمه، والأكثرون على أن اسمه عبد الحميد. وقال النسائيّ: اسمه أحمد. وقال آخرون: اسمه كنيته (١).

وقوله: "فسخطته" بكسر الخاء: أي لم ترض به.

وقوله: "أم شريك" اسمها غُزيّة. وقيل: غُزيلة بنت دودان.

وقوله: "يغشاها" أي يدخلون عليها. وقوله: "تضعين ثيابك" أي ليس هناك من تخافين نظره. وقوله: "فآذنيني" بالمدّ، من الإيذان بمعنى الإعلام: أي أعلميني بحالك.

وقوله: "فلا يَضَعُ عصاه". أي كثير الضرب للنساء، كما جاء في رواية أخرى، وهذا هو الصواب في تفسيره. وقيل: كثير الأسفار. وقيل: كثير الجماع، والعصا كناية عن العضو. وهذا أبعد الوجوه.

[حكاية مليحة]: قال أبو عبد اللَّه الحاكم في "كتاب مناقب الشافعيّ" -رَحِمَهُ اللَّهُ

تَعَالَى-: من لطيف استنباطه ما رواه محمد بن جرير الطبريّ، عن الربيع، قال: كان

الشافعيّ يومًا بين يدي مالك بن أنسِ - رضي اللَّه عنه -، فجاء رجلٌ إلى مالك، فقال: يا أبا عبد اللَّه إني رجلٌ أبيع الْقُمْرِيّ، وإني بعت يومي هذا قُمْريًّا، فبعد زمان أتى صاحب القُمْريّ، فقال: إنّ قُمريك لا يَصيح، فتناكرنا إلى أن حلفتُ بالطلاق أن قمرييّ لا يَهْدأ


(١) - راجع "زهر الربى" ٦/ ٧٥.