وفيه أنه لولا هذا العذر لقبلها، فيُستفاد منه عذره في كونه لم يقل كما قال عثمان - رضي اللَّه عنه -: "ما أريد أن أتزوّج يومي هذا". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عمر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- ٢٤/ ٣٢٤٨ و ٣٢٦٠ - وفي "الكبرى" ٢٥/ ٥٣٦٣٢٦/ ٥٣٦٤. وأخرجه (خ) في "المغازي" ٤٠٥ و"النكاح"٥١٢٩ و ٥١٤٥ (أحمد) في "مسند العشرة" ٧٥ و"مسند المكثرين" ٤٧٩٢. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان مشروعيّة عرض الرجل ابنته، وكذا غيرها من مولياته على من يرضى من الرجال، ممن يعتقد خيريّته وصلاحيته؛ لما فيه من النفع العائد على المعروضة عليه، وأنه لا استحياء في ذلك. (ومنها): عتاب الرجل لأخيه، وعتبه عليه، واعتذاره إليه، وقد جُبِلت الطباع البشريّة على ذلك. (ومنها): الرخصة في تزويج من عرض النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -بخطبتها، أو أراد أن يتزوّجها لقول الصدّيق:"لو تركها لقبلتها". (ومنها): أنه لا بأس بعرض المرأة على الرجل المتزوّج؛ لأن أبا بكر كان حينئذ متزوّجًا، (ومنها): أنّ من حلف لا يُفشي سرّ فلان، فأفشى فلانٌ سرّ نفسه، ثم تحدّث به الحالف لا يحنث؛ لأن صاحب السرّ، هو الذي أفشاه، فلم يكن الإفشاء من قبل الحالف، وهذا بخلاف ما لو حدّث واحدًا آخر بشيء، واستحلفه ليكتمه، فليقيه رجل، فذكر له أنّ صاحب الحديث حدّثه بمثل ما حدّثه به، فأظهر التعجّب، وقال: ما ظننت أنه حدّث بذلك غيري، فإن هذا يحنث؛ لأن تحليفه وقع على أنه يكتم أنه حدّثه، وقد أفشاه. (ومنها): أن الأب تخُطب إليه بنته الثيّب كما تُخطب إليه البكر، ولا تخطب إلى نفسها، كذا قال ابن بطّال. ولكن قوله: لا تخطب إلى نفسها ليس في الخبر ما يدلّ عليه. (ومنها): أنه يزوّج بنته الثيّب من غير أن يستأمرها إذا علم أنها لا تكره ذلك، وكان الخاطب كفؤًا لها. وليس في الحديث تصريح بالنفي المذكور، إلا أنه يؤخذ من غيره. ذكره في "الفتح"(١). واللَّه تعالى أعلم