للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّه تعالى عنهما، وأصدقها عشرة دنانير وستين درهمًا، وخمارًا، وملحفةً، ودرعًا، وخمسين مُدًّا من طعام، وعشرة أمداد من تمر. قاله مقاتل بن حيّان، فمكثت عنده قريبًا من سنة، أو فوقها، ثم وقع بينهما، فجاء زيد يشكوها إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فجعل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقولِ له: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} الآية [الأحزاب: ٣٧] (١).

[فائدة]: ذكر المفسّرون أقوالاً في المراد بقوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} الآية، والأصحّ أنه إخبار اللَّه تعالى نبيّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أنها ستصير زوجته.

أخرج ابن أبي حاتم، من طريق السدّيّ، قال: "بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش، وكانت أمها أُميمة بنت عبد المطّلب، عمة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وكان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أراد أن أن يزوّجها زيد بن حارثة مولاه، فكرهت ذلك، ثم إنها رضيت بما صنع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فزوّجها إياه، ثم أعلم اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- نبيّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بعدُ أنها من أزواجه، فكان يستحيي أن يأمر بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون بين الناس، فأمره رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يُمسك عليه زوجه، وأن يتقي اللَّه، وكان يَخشى الناس أن يَعيبوا عليه، ويقولوا: تزوّج امرأة ابنه، وكان قد تبنّى زيدًا".

وعنده من طريق عليّ بن زيد بن جُدعان، عن عليّ بن الحسين بن عليّ، قال: أعلم اللَّه نبيه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن زينب ستكون من أزواجه قبل أن يتزوّجها، فلما أتاه زيد يشكوها إليه، وقال له: اتق اللَّه، وأمسك عليك زوجك، قال اللَّه: قد أخبرتك أني مزوّجكها، وتُخفي في نفسك ما اللَّه مبديه.

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وقد أطنب الترمذيّ الحكيم في تحسين هذه الرواية، وقال: إنها من جواهر العلم المكنون، وكأنه لم يقف على نفسير السدّيّ الذي أوردته، وهو أوضح سياقًا، وأصحّ إسنادًا إليه؛ لضعف عليّ بن زيد بن جُدعان.

وروى عبد الرزّاق، عن معمر، عن قتادة، قال: جاء زيد بن حارثة، فقال: يا رسول اللَّه إن زينب اشتدّ عليّ لسانها، وأنا أريد أن أُطلّقها، فقال له: اتق اللَّه، وأمسك عليك زوجك، قال: والنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يحبّ أن يُطلّقها، ويَخشى قالةَ الناس.

ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم، والطبريّ، ونقلها كثير من المفسّرين، لا ينبغي التشاغل بها (٢)، والذي أوردته منها هو المعتمد.


(١) - راجع "تفسير ابن كثير" ٣/ ٤٩٩. "تفسير سورة الأحزاب".
(٢) - وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره": ذكر ابن أبي حاتم، وابن جرير ههنا آثارًا عن بعض السلف - رضي اللَّه عنهم - أحببنا أن نضرب عنها صفحًا لعدم صحّتها، فلا نوردها انتهى.