(منها)؛ أنه من رباعيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو (١٦٥) من رباعيات الكتاب. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخه، فبغلانيّ، ثم مصريّ. (ومنها): أن فيه جابرًا - رضي اللَّه تعالى عنه - من المكثرين السبعة، روى (١٥٤٠) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ مُحَمَّدْ بن الْمُنْكَدِرِ) وقع في رواية للبخاريّ في "التوحيد" من طريق معن بن عيسى، عن عبد الرحمن:"سمعت محمد بن المنكدر يُحدّث عبد اللَّه بن الحسن -أي الحسن بن عليّ بن أبي طالب- يقول: أخبرني جابر السَّلَميّ"، وهو -بفتح السين المهملة، واللام - نسبة إلى بني سَلِمَة -بكسر اللام- بطنٌ من الأنصار. وعند الإسماعيليّ من طريق بشر بن عُمير:"حدّثني عبد الرحمن سمعت ابن المنكدر حدّثني جابر".
(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبدِ اللَّهِ) - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أنه (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يُعَلِّمُنا الِاسْتِخَارَةَ) وفي رواية البخاريّ، من طريق معن المذكورة:"يُعلّم أصحابه"، وكذا في طريق بشر بن عُمير" (فِي الأُمُورِ كُلِّهَا) قال ابن أبي جمرة: هو عامّ أُريد به الخصوص، فإن الواجب، والمستحبّ لا يُستخار في فعلهما، والحرام، والمكروه، لا يُستخار في تركهما، فانحصر الأمر في المباح، وفي المستحبّ إذا تعارض منه أمران، أيّهما يبدأ به، ويقتصر عليه. قال الحافظ: وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب، والمستحبّ المخيّر، وفيما كان زمنه موسّعًا، ويَتناول العمومُ العظيمَ من الأمور، والحقير، فربّ حقير يترتّب عليه الأمر العظيم (١).
(كَمًا يُعَلّمُنًا السُورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ) أي يعتني بشأن الاستخارة؛ لعظم نفعها، وعمومه، كما يعتني بالسورة. وقال في "الفتح": قيل: وجه التشبيه عموم الحاجة في الأمور كلّها إلى الاستخارة، كعموم الحاجة إلى القراءة في الصلاة. ويحتمل أن يكون المراد ما وقع في حديث ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - في التشهّد: "علّمني رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - التشهّد كفّي بين كفّيه". أخرجه البخاريّ. في "الاستئذان". وفي رواية الأسود بن يزيد، عن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -: "أخذتُ التشهّد من في رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - كلمةً كلمةً". أخرجها الطحاويّ. وفي رواية سلمان نحوه، وقال: "حرفًا حرفًا". أخرجه الطبرانيّ.
وقال ابن أبي جمرة: التشبيه في تحفّظ حروفه، وترتّب كلماته، ومنع الزيادة والنقص