للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدعاء، وعلى الثاني تكون الجملة حاليّةً، والتقدير: فليدع مسمّيًا حاجته.

وقوله: "إن كنت" استشكل الكرمانيّ الإتيان بصيغة الشكّ هنا، ولا يجوز الشكّ في كون اللَّه عالمًا.

وأجاب بأن الشكّ في أن العلم متعلّقٌ بالخير، أو الشرِّ، لا في أصل العلم انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي الأولى مما قاله الكرمانيّ أن تكون "إن" هنا للتأكيد، لا للشكّ، كما يقول الرجل لابنه: إن كنت ابني فلا تفعل كذا، فإنه لا يشكّ في كونه ابنه، وإنما مراده التأكيد في الانتهاء عن ذلك الفعل؛ لأن كونه ابنه يوجب عليه طاعة أمره، كما أن كونه أباه يوجب أن يكون أعلم بمصالح ولده، فاستحقّ بذلك عدم مخالفته له.

وقد قال جمهور النحاة في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}: إنه شرط جيء به للتهييج والإلهاب. قاله ابن هشام في "مغنيه" (٢).

فيكون المراد هنا توكيده طلبه من اللَّه تعالى أن يُيَسِّر ما أراده، حيث إنه سبحانه وتعالى أعلم بمصالح عبده، والعبد لا علم له بشيء منها.

ويحتمل أن تكون "إن" بمعنى "قد"، كما قيل في قوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: ٩]، أي قد نفعت، قاله ابن الأعرابي، وقال أبو العباس: العرب تقول: إن قام زيد بمعنى قد قام زيد. وقال الكسائي: وسمعتهم يقولونه، فظننته شرطًا، فسألتهم، فقالوا: زيد قد قام نريد، ولا نريد ما قام زيد. وروى المنذريّ عن ابن اليزيديّ، عن أبي زيد أنه تجيء "إن" في موضع "لقد"، مثل قوله تعالى: {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} المعنى لقد كان، من غير شكّ من القوم، ومثله: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} [الإسراء: ٧٣]، و {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ} [الإسراء: ٧٦]. ذكره في "التاج" (٣). فيكون المعنى هنا: اللَّهم قد كنت تعلم الخ، فلكونك عالمًا بأصلح الأمر لي أسألك أن تيسره لي. واللَّه تعالى أعلم.

(خَيْرٌ لي في دِينِى، وَمَعَاشِي) زاد في رواية أبي داود: "ومعادي"، وهو يؤيّد أن المراد بالمعاش الحياة. ويحتمل أن يريد بالمعاش ما يُعاش فيه، ولذلك وقع في حديث ابن مسعود في بعض طرقه عند الطبرانيّ في "الأوسط" "في ديني، ودنياي"، وفي حديث أبي أيوب عند الطبرانيّ "في دنياي، وآخرتي"، زاد ابن حبّان في روايته


(١) - "فتح" ١٢/ ٤٨٠. "كتاب الدعوات".
(٢) - راجع "مغني اللبيب" ١/ ٢٦ تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
(٣) - "تاج العروس في شرح القاموس" ٩/ ١٢٩ ..