للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"وديني"، وفي حديث أبي سعيد "في ديني، ومعيشتي".

(وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ-: (فِي عَاجل أَمرِي وَآجِلِهِ) هو شكّ من الراوي، ولم تختلف الطرق في ذلك، واقتصر في حديث أَبيَ أيوب على "عاقبة أمري"، وكذا في حديث ابن مسعود، وهو يؤيّد أحد الاحتمالين في أن العاجل والآجل مذكوران بدل الألفاظ الثلاثة، أو بدل الأخيرين فقط، وعلى هذا فقول الكرمانيّ: لا يكون الداعي جازمًا بما قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، إلا إن دعا ثلاث مرّات يقول مرّة "في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري"، ومرّةً "في عاجل أمري وآجله"، ومرّة "في ديني، وعاجل أمري وآجله". قال الحافظ: ولم يقع ذلك أي الشكّ في حديث أبي أيوب، ولا أبي هريرة أصلًا.

(فَاقْدِرْهُ لِي) قال أبو الحسن القابسيّ: أهل بلدنا يكسرون القال، وأهل المشرق يضمّونها. انتهى. ومعناه: اجعله مقدورًا لي، أو قدّره من التقدير. وقال الشيخ شهاب الدين القرافيّ في "كتاب أنوار البروق": يتعيّن أن يُراد بالتقدير هنا التيسير، فمعناه فيسره (١) (وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذًا الأَمْرَ، شَرٌ لِي فِي دِينِى، وَمَعَاشِي) قال السنديّ: ينبغي أن يجعل الواو هنا بمعنى "أو"، بخلاف قوله: خير في كذا وكذا، فإن هناك على بابها؛ لأن المطلوب حين تيسره أن يكون خيرًا من جميع الوجوه، وأما حين الصرف، فيكفي أن يكون شرًّا من بعض الوجوه انتهى (٢) (وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَو قَالَ- "فِي عَاجِلِ أَمْري وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْني عَنْهُ) أي حتى لا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه متعلّقًا به.

(وَاقْدُرْ لِي) بسكون الياء، وفتحها؛ لأن ياء المتكلّم يجوز بناؤها على السكون، وهو الأصل، وعلى الفتح تخفيفًا (الْخَيْرَ، حَيْثُ كَانَ) وفي حديث أبي سعيد بعد قوله: "واقدر لي الخير أينما كان"، "ولا حول ولا قوّة إلا باللَّه".

(ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ") وفي رواية: "ثم رضّني به" بتشديد الضاد المعجمة، أي اجعلني راضيًا به. وفي بعض طَرق حديث ابن مسعود عند الطبرانيّ في "الأوسط": "ورضّني بقضائك".

وفي حديث أبي أيوب: "ورضّني بقدرك". والسرّ فيه أن لا يبقى قلبه متعلّقًا به، فلا يطمئنّ خاطره، والرضا سكون النفس إلى القضاء (قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ) أي ينطق بلسانه معيّنًا حاجته التي يستخير فيها عند قوله: "أن هذا الأمر الخ"، كما سبق بيانه، وهذا هو الظاهر. ويحتمل أن يكون المراد استحضاره بقلبه عند الدعاء، والأول أولى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) - راجع "زهر الربى" ٦/ ٨١.
(٢) - "شرح السنديّ" ٦/ ٨١.